Monday, September 20, 2010

كيلو لحم بدوده

كيلو لحم بدوده
----------


عجيب هو أمر شعبنا المطحون ...
رضي بالعيش في ظروف لا يستطيع فرانكنشتين تحملها: راتب ضعيف لا يكفي نملة تأكل وجبة واحدة تُصرف لها من جمعيات المعونة، ومعاملة لا يرضى بها أحدب نوتردام نفسه، ومستقبل أشد ظلمة من لحظة انقطاع الكهرباء التي تستمر لساعات بدعوى "إصلاحات ع السريع" ...

هو نفسه هذا الشعب الذي رضي أيضا أن يتوارثه الآخرون، بداية من أمين الشرطة الذي يعتبر جيب المواطن مصدر رزقه، وجسده مصدر سعادة تعذيبية سادية ... مروراً بسائق الميكروباص المستغل، ومدير العمل المفتري، وجاره ذو اللسان الطويل الذي ينافس في طوله ثعبان الأنكوندا، والبائع صاحب ألفاظ بير السلم التي يطلقها ليل نهار، ورجل الأعمال الذي يمتص من دمه بطريقة يتقزز منها دراكولا ذاته، ومحافظه الذي يصر على حفر الأسفلت عشر مرات يوميا لأنه ينسى مقصا كل مرة في معدة الشارع، ووزيره الذي يدعى أن الموازنة "تمام التمام" رغم أن نصف موارد البلد موجودة في بنوك سويسرا بأسماء حيتان ليسوا من أبناء وطننا الشرعيين، وأنه "مفيش بطالة" رغم أن الشعب كله يعمل في وظيفة البحث عن وظيفة طوال العمر، وأن "الشعب ينعم بأحلى أيام الديموقراطية المهلبية" رغم أن سجون بلدك "بتبظ" كتلاً بشرية وأجساداً فوق أجساد لأشخاص كل ما فعلوه هو أن قالوا "لا" ...


ورغم ذلك كله ... لا يزال بعض هؤلاء التجار "الحنيين" يجدون أن شعبنا "لسه فيه حتة متهبرتش" ... لنفاجأ ذات يوم بخبر غريب فقد غرابته في بلد كل ما فيه أضحى غريباً، كمية كبيرة من اللحوم المدودة تدخل الأسواق المصرية، والحكومة تنفي ذلك بثقة شديدة كتلك التي تحس بها ممن ينفي وجود الشمس أساساً ...
ثار المثقف المصري وصرخ، وأطلق غضبه المكبوت في كل مكان مبيناً اعتراضه، ثم انطلق ليعلن عن كل ذلك لدى الحكومة، مطالباً إياها بعمل حملة تفتيش على اللحوم في كل مكان وزمان وما بينهما من أبعاد، للحفاظ على معدة مواطن مصر المفحوت ... لكن الزمن كان يخبئ لبلدنا الكثير ...


-----------------

في أحد حواري مصر الشعبية التي تمتلئ بأحبال غسيل تحمل من الملابس ما يكفي لعمل مصنع جديد للغزل والنسيج، وفي أحد شوارعها التي أخرجت الحكومة "مصارينها" منذ زمن ونسيت وجودها على خريطة جمهوريتها ... رقدت تلك القهوة العتيقة والتي وُجدت منذ أن وُجدت تلك الحارة، وعلى أحد كراسيها -التي يفتخر صاحبها بأنها مصنوعة من أيام محمد علي- جلس رجلان بسيطان يتبادلان "طراطيف" الحديث ..

- شفت يابو محمد، بيقولولك في لحوم مدودة نزلت السوق
- لحوم ؟؟ ... يعني مفرد لحمة يا عم سعيد ؟؟
- أيوه يابومحمد .. صحصح كده أومال ... اللحمة اللي بنجيبها أول كل شهرين دي ... الحمرا بنت الحـ ... ما علينا
- أيوه أيوه ... افتكرت .. مش اللي بنجيبها من عند الراجل الإتم أبو شنبات مفرودة بجيل ده اللي اسمه "عطوة" ؟؟
- عفارم عليك ... أهي اللحمة دي ... بيقولوك إن في منها نزل مدود ... بدوده يعني
- يا حفيظ ... معقولة؟ .. لحم مدود ؟ ... هي الناس فرمت ضميرها ولا إيه ؟؟
- أيوه يا عم ... ده استهبال ... أنا قولت لزكية مراتي اللحمة حرمت على بيتنا من النهاردة ... صحيح إنها لقحت بكلمتين عن "هي فين اللحمة دي يا حسرة" ، بس أنا أقنعتها إننا مش هنجيب لحمة خالص ... خصوصا إنها مش عايزة عينها التانية تورم عشان تعرف تذاكر للعيال
- طيب ... كويس ... الموضوع مش مشكلة خالص ... هوه في حد هنا عاد بياكل لحمة ... بلا بتاع
- لأ ... ده الموضوع أحسن من كده بكتير

التفت عم سعيد وأبو محمد لصاحب الجملة الأخيرة، ليجدا أستاذ حسين الموظف بمجمع التحرير، يتناول كرسياً يقربه من طاولتهما وهو يجلس متابعاً :
- ده هوه ده أحسن وقت ناكل فيه لحمة

رد أبو محمد في استنكار :
- انت اتجننت يا جدع ... بيقولك لحمة مدودة ... دوووووود يا عم ... دود
- يا عم وفيها إيه يعني ... انت بتاكل المش بإيه ؟؟
- بدوده وبواقيه وعفانته وبلاويه و ...
- احم ... خلينا في الاولانية بس ... بإيه ؟؟ ... بدوده ! ... يعني هيه هيه
- إزاي يا أستاذ حسين ... ده دوود وده دوود ...
- يعني إيه الفرق ؟
- الفرق في الشعر
- أفندم ؟!!
- لا ... قصدي، أكيد في فرق بين دودنا ودودك ودودهم
- يا عم ... كله في الآخر بيصب في المجاري ... وبعدين على رأي السيد الوالد: المعدة بتجيب ده على جنب وده على جنب ...
أطرق كلا الرجلان برأسيهما في تفكير صامت يشبه صمت السرير، بينما البخت يلعب برأسيهما الأعاجيب ... فقد بدأ العقل المصري يعمل من جديد بأقصى طاقته، محاولاً استغلال تلك الأزمة ... أنسب استغلال

----------------------

صاح المعلم "عطية" في صبيه بشراسة :
- واد يا زفت يا "رأفت" ... طلع ياض كيلو لحمة للأفندي هنا

أسرع "رأفت" من أول المحل إلى آخره جرياً – حيث ترقد المغفور لها الثلاجة – واضعاً جلبابه في فمه فبدا كما لو كان يطير راقصاً بحيرة البط ... وقبل أن يصل إلى الثلاجة كان الأفندي قد مال على المعلم هامسا له بكلمة السر "ادي القطائيط لأبوكلوة حديد" ... فما كان من المعلم إلا أن أبلغ "رأفت" عبر السرينة إياها أن : هاتها حتة مقطئطة ...

أخرج "رأفت" القطعة في حذر شديد، لفها في عشرة أكياس سوداء، ثم ناولها إلى المعلم، الذي ناولها بدوره للأفندي وهو يتلفت يمنة ويسرة في حذر الإبل التي تتاجر في "الحشيش" ...
ما إن تناول الرجل اللفة حتى همس : مش دي برضه لحمة مدودة عشـــ ...
قاطعته نظرة صارمة من عين المعلم كادت "تفلقه" نصفين، بينما المعلم يهمس بصوت الأموات المرعب: احنا مبنقولش الكلمة اللي بحروف الدال هنا ... دي كلمة محرمة دولياً
ازدرد الرجل ريقه المتحجر كحجر الصوان بينما المعلم يتابع :
- وطبعا زي مانتا عايز ... تمنها ربع التمن الأصلي ... اتكل بقى وارحمنا
تناول الرجل اللفة بيد مرتعشة ... أدار ظهره ... ثم انصرف

---------------------

وفي بيت آخر جلست العائلة على الغداء على سفرة بسيطة، يتوسطها طبق شوربة يحتوي حتى قمته مكعبات من اللحم، بينما الأب يردد وهو يمسح كفيه في استعداد حربي للـ "فرتكة":
- يلا يا ولاد ... طاقة القدر اتفتحتلنا ... عايزكو تفرمو اللحمة دي
ردت الام في قلق :
- بس يابو علي مش البتاعة دي مدودة ... وممكن تعيي العيال
- يا ولية متبقيش فقرية ... ماحنا بقالنا عشرين سنة بناكل لحمة وفي النهاية اكتشفنا إنها لحم حميري ... وأدينا أهوه صحتنا زي البمب وبنخلف
ثم ربت على كتف ابنه الأصغر "ممدوح" مداعبه :
- يلا يا دوحة ... عايزك تاكل اللحمة دي عشان تطلع راجل
- بابا ... هوه ... مينفعش أبقى راجل إلا باللحمة
- لأ يا حبيبي ... اللحمة مش شرط للرجولة ... حتى اسأل البهايم اللي ... احم ... بترعى في مراعي البلد
- بس ... يا بابا
- ولا ... أنا مش فاضيلك ... اخلص ... في إيه ؟؟
أطرق الفتى لحظةً في تفكير نسبي ... ثم رفع رأسه سائلاً في براءة الحملان المصابة بالأنيميا :
- هوه ... اللحمة ... بتتاكل منين ؟؟

---------------------

في عيادة خارجية :
العيان : ها يا دكتور ... إيه الأخبار ؟
الدكتور : لا ... متقلقش ... كله تمام ... شوية إرهاق وصداع .. هكتبلك على اسبرين و ...
- بقولك يا دكترة
- خير ؟
- هوه ... في مشكلة من اللحمة الجديدة اللي نازلة السوق ؟
- المدودة ؟؟
- لأ ... المقطئطة ... أصل المدو ... احم ... الكلمة اللي بالدال حرام
- حرام ؟؟ ... ماشي ياخويا ... على العموم أنا عملت تجاربي الخاصة، وشايف إن مفيهاش حاجة ... ممكن تاكل منها براحتك وانت مطمن
- ربنا يعمر بيتك يا دكتور .. يا مفرح قلوب الغلابة ... هوه بس ... فاضل طلب بسيط
- إيه تاني ؟؟؟
- ممكن تكتبلي روشتة بكام كيلو لحمة ... عشان الجزار مبقاش يصرف بقيقي كده
- ماشي يا عم ... وآدي روشتة للحبايب وعليها كارع هدية
بعد انصراف المريض ... دخل "رأفت" على الدكتور متخفيا، ثم مد يده بظرف وكيس أسود مرددا :
- المعلم بيقولك عفارم عليك ... الزباين عمالة ترخ
- ده الواجب وشرف الدكترة ... المهم ... اللحمة دي سليمة ولا مضروبة ؟
- لا يا دوك ... عيب عليك، سليمة بضمان عينيا
- بلاش عينيك عشان بتبربش ... خلي الضمان في حاجة أضمن


---------------------

المكان : وزارة التجارة
اقتحم السكرتير مكتب الوزير بطريقة مفاجئة جعلت سيادته "يتنطر" من الخضة ... مما دفعه للصراخ في غضب تنيني :
- إيه اللي انت بتهببه ده يابني آدم ؟ ... انت داخل مراحيض عامة ؟
التقط السكرتير أنفاسه بالكاد وهو يردد بصعوبة :
- الناس ... يافندم ... عاملة تحت ... مظاهرات
- ناس ؟؟ ... ناس مين ؟؟
- الشعب يافندم
- الشعب المصري ؟
- أيوه سعادتك
- يابني المصريين دول أغلب من الغلب ... مش ممكن يعملوا ربع مظاهرة صامتة حتى ... انت متأكد إنك مغلطتش في نمرة الشعب ... يمكن كانوا ناس تانيين ولا حاجة
- همه يافندم ... وعاملين مظاهرة عشان اللحمة المدودة
- كمان ؟؟؟ ... غريبة ... همه مش عارفين إننا أحبطنا شحنتين لحم فاسد، وبنلم المغشوش من السوق ... يعني الدنيا تمام
سكت السكرتير للحظة قبل أن يتمتم في حذر :
- ماهو ... ده اللي مضايقهم يافندم
- هوه إيه ده اللي مضايقهم ؟
- إنك بتلم اللحمة المدودة وبتمنع استيرادها ... وعاملين مظاهرة مخصوص بيطالبوا فيها حضرتك إنك "تخلي بينهم وبين اللحمة المدودة"
- نعم ؟؟
- يعني بالبلدي ... رجعلهم اللحمة ... وملكش دعوة

---------------------

في جزارة الحاج "عطوة" :
المعلم (بينما يسحب نفس الشيشة الكنتالوب) : وديت للدكتور الحاجة ياض
رأفت : زي ما قلت يا معلمي ... جبت اتنين كيلو مدودين .. بعتهم لـ "شكرية" اللي بتنقي الرز، شالت الدود وخلت اللحم ... وقلتله إنه لحم سليم
- عفارم ياض ... والمظاهرات ؟
- زقينا كام واحد أرزقجي كده، قوّم الناس على الوزارة، وطلبوا منها تسيب اللحمة ... والوزارة وافقت
ضحك المعلم في نصر ... ثم سعل حبتين ... قبل أن يلقي بكوب الشاي بتفله في فمه الواسع ... ويتابع "كركرة" الشيشة ... ثم ردد :
- شغل على مية بيضة، هوه ده الرزق ولا بلاش
- بس يا معلم ... في مشكلة بسيطة
- خير ؟؟
- الحكومة لما لقت في إقبال على اللحمة المدودة، وافقت تستوردها، بس عملت عليها ضرايب بضعف الثمن
هنا ... انتفض المعلم "عطوة" كثورٍ مصاب بالبارانويا، ملقياً بليّ الشيشة في قوة، وهاتفاً :
- حرام عليهم يا جدع ... ده كلام ميرضيش ربنا !!ه



Friday, September 17, 2010

من أجلها ... سيُضحي الأفندي


من أجلها ... سيُضحي الأفندي
--------------------

أرادأن يفتح العلبة ... وأن يجرب ذلك الإصبع الأبيض ذا النهاية الذهبية ... ليحس بتلك النشوة الكاذبة


أراد أن يضعها في فمه ... أن يتذوق دخانها ... أن ينفثه في تلذذ كأصحاب الملايين

لكنه توقف ... تذكر ما هو فيه : الحياة الصعبة والوظيفة الشاقة ... إنه يحتاج إلى صحته ...

يحتاج إلى صحته كاملة ليخدم أمه المريضة ... ليصرف على أطفاله الخمسة ... ليسد فم زوجته ذات الطلبات الثقيلة كوزنها

ليخدم مصر

مصر ؟؟؟

نظر إلى العلبة ... كتب عليها : صنع في مصر ... بأيدي مصرية ...

ابتسم ... وضع السيجارة في فمه بلا تردد ... فقد قرر أن يبدأ بخدمة بلده الحبيب

حرية ما تمت


حــــــرية ما تمــــــت
------------------------

غربت الشمس أمام عينيه مرددة لحنا صامتاً ملوناً أشبه بجوال مانجا بلدي مشعشع

التهم صاحبنا بواقي شطيرته في سرعة لا تتناسب مع جسده النحيل الذي دفع أصدقائه لمناداته بـ "اللهو الرفبع"
كرمش بواقي الورقة التي كانت تحوي الشطيرة مبتسماً في سخرية مريرة، هاهو يأكل شطيرة بالمربى والسمن في ورقة طلاقه ... يالها من مفارقة

ألقى الورقة بعيداً بأقصى ما يستطيع وكأنما يزيح تلك الصفحة من أجندة ذكرياته،
وكأنه يلقي شهادة جامعية لم تعد تلزمه لأن كل الوظائف بالواسطة،
وكأنه يرجم شيطانا في يوم التروية

أحس بالراحة والخفة ... بل إنه خفيف جداً بالفعل ...
ها هو يحلق ببطئ بعيداً عن كرسي الحديقة الذي امتطاه من دقائق ...
شعور رائع بالفعل ... دفعه للتلويح بهدوء بيديه لتساعداه على العوم أكثر في الهواء ...

ارتفع جسده النحيل في بطء وقور،
صنع مع لحظة الغروب مشهداً درامياً جعل ما يحدث أقرب إلى أحد أغلفة "دي سي كوميكس" لعدد سوبر مان الأخير ...

أحس بطاقة كامنة تجتمع في كعب قدمه الذي هراه بالفازلين،
أحس بنفسه يأخذ "واحد استعد" لينطلق إلى الفضاء الرحب ...
تراجع في الهواء نصف متر ليبدأ الانطلاقة الأسطورية و ...

فجأة ... هناك من يمسك قدمه بشدة .... يسحبه إلى الوراء الأزلي، إلى نهاياتٍ سحيقة ...
التفت، ليجد ظله يرتبط به كلزقة "أمير" انفجرت للتو بين أصابع طفل صغير ...
بينما علت وجهه – الظل لا صاحبنا – تلك الابتسامات المحببة لرواة قصص الرعب، الابتسامة التي يصفونها بصف الأسنان الحاد واللسان الثعباني وصوت الفحيح المخدر للآذان ...

انتابت صاحبنا رعشة قلق خفيفة، لكنها انتقلت عن طريق ظله إلى الأرض محدثة زلزالاً رهيباً ...
هنا أدرك أنه يرتجف خوفاً ...
كافح ليهرب ... كافح لينطلق من جديد إلى الفضاء السرمدي ... حيث النجوم والأقمار و"النايل سات" ...
تذكر الآن حلم حياته بالوصول للنايل سات لينتزع بنفسه القنوات الفقيعة التي تدعي – جورا وبهتاناً وبيع كلام – أنها تتحدى الملل ...

تذكر ذاك الحلم ... فزاده ذاك إصراراً على الإنطلاق المطلق بطلقات التطليق المطلقة لامرأته 3 طلقات بائنة ....
صرخ في وحشية وحاول انتزاع قدمه ...
حركها بشدة ... لكن الظل زاد شراسة وسحباً ...
زاد جره لصاحبنا الطائر المعلق في الهواء في نفس الوقت الذي لمح فيه الأخير كرسي الحديقة ينبثق عن فجوة سوداء تبتلع كل شئ من حولها

ياللهول !! ... إنها كبيرة ...
لم يرى في حياته فجوة سوداء إلا تلك التي تعرضت لها إحدى عينيه من جراء فازة ألقتها عليها زوجته ذات صباح روتيني ...
لكنها هذه المرة كبيرة ومفزعة بحق ... أخذ يقاوم ويحاول الخلاص ... بينما تحولت زمجرة ظله إلى صراخ يائس بعد أن لمح تلك الفجوة الجائعة ...
فتعلق ظله به في خوف وتوسل، بينما هو يحاول جاهداً الخروج من مجال تلك البالوعة التي تذكره بضربات مجاري حارته ...

حاول وحاول ... جاهد ليطير بعيدا ... بينما فجوة كرسي الحديقة "تهبر" كل ما حولها ...
أشجاراً وبيوتاً ... سياراتٍ وصفائح قمامة ... حتى الألوان الـ "آر – جي – بي" بدأت بالانسحاب من حوله "مدلوقةً" في الفجوة سابقة الذكر والتحضير ...

خارت قواه ... ذهب حلمه ... زاغت عينه السليمة لأن الأخرى لا زالت تعاني من ضربة الفازة إياها ...
قل تنفسه حتى أصبح يحاكي التنفس من خيشومة واحدة لضفدع "لسه فاقس" ...
هنا ... ابتسم ابتسامة المرارة نفسها .. و ... سقط في الفجوة ...

--------------

هل مات ... لا يعلم ...
لكن لو أن هذا هو الموت فهو مظلم حقاً ...
أين النور ؟؟ ... هل هو في الجحيم ؟؟ ... لا، فثمة تيار هواء بارد نوعاً ما ...
وحسب معلوماته فالجحيم يحتوي لهيباً مذيباً للجلود ...

يسمع بعض الأصوات ...
يشم رائحة عطر بارفان ... لا .. مهلاً ... إنها رائحة يعرفها جيداً ...
ذاك العطر الحريمي الذي كان يعشقه عشق كليوباترا لجمالها، ثم أضحى يكرهه ككلب يخشى الاقتراب من البانيو ... إنه لإنسانة يعرفها جيداً ... إنها ...

- ألف سلامة عليك يا روحي !!

جملة تحمل من القلق والتشفي في نفس الوقت ما دفعه إلى فتح عينيه بسرعة وفزع، ليطالع وجه زوجته الجميلة بابتسامة يعرفها جيدا ...
ابتسامة ظل خنيق فحت !!



من بين صوابع رجلي

نصيحة : بلاش اللي بيتقرف يقرا ... جاست أ وورنينج

----------------
من بين صوابع رجلي
----------------



العبث في أصابع القدمين ليس عادةً صحيةًً بالتأكيد
إلا لو كنت تتعمد نقل تلك المزرعة الجرثومية - والتي تكونت في أصابع قدميك نتيجة ارتدائك المستمر لنفس الجورب البالي لمدة أسبوع كامل- من قدمك المتشققة إلى أصابع يديك الملوثتين بغبار السنين وبواقي طبق الفول بالبيض وشخبطات القلم الفرنساوي، بغرض دراسة عوامل التحلل البيولوجي لخلايا الشم بأنفك الفاضلة بعد تعرضها للإشعاعات العفن-ذرية سابقة الذكر...


أعلم هذا بتيقن يكاد يقترب من يقين حكومتنا بوجود مستشفى حكومي ومدرسة مشتركة وشارع مرصوف في قرية "المناجل" تخدم كل أفراد القرية
رغم أن القرية مهجورة منذ إنشائها بسبب عوامل توسعة الطريق الدائري الذي توقف بدوره لأن "المونة" لا تكفي إلا لعمل "تقفيصة" حمام على سطح العمود الخرساني الوحيد المتبقي من صديقنا الدائري ...

المهم، أنه رغم ثقتي هذه، إلا أني استمررت في تدليك أصابع قدمي الواحدة تلو الأخرى في تلذذ طفولي سادي، كما لو كنت اقوم بعمل مساج لكلب أعور ذي عمود فقري بثلاث فقرات بائنات للضرر ...
ربما يرجع ذلك لأنه يعطيني شعوراً زائفاً بنظافة مؤقتة دون تدخل للماء أو – الشر بره وبعيد – للصابون الـ "جوود أفترنوون" ... فكلاهما يسبب لي حساسية مفرطة، تجعلني أحرك عيني اليمنى في حركات عصبية مشابهة لتلك التي أصابت دجاجتنا العزيزة "فريدة" عندما لمحت سكين أمي يشق طريقا ناعماً محمَرَ الجوانب في رقبتها ناصعة البياض ...
فلتموتي عزيزتي "فريدة" على محراب موقدنا، فقد آن لكِ أن تكوني قربانا لمعدة عائلة من "زومبي" الدجاج

أتلذذ بتذكر طعم المرحومة ... بينما لا أزال أدلك أصابعي في ذات النشوة الروحية العابرة، أغمض عيني في انسجام وأنا أتحسس تلك الفطريات المتطفلة بين مغارات أصابعي، كـ"علكة" انحشرت بين خصلات "ذات الشعر الذهبي " محيلة إياه إلى "كولكيعة" عضوية من الشعر والأتربة والقاذورات المهجنة، تاركة لنفسها النمو في وقاحة فجة وكأنها سلطان حكم أصابع قدمي بالأغلبية الساحقة ...
لكني أبدأ على الفور وبلا تردد، ملحمة "الصنفرة" الأثيرة، لأقوم - وباستخدام أظافري المخلبية - بإزالة كل تلك البقع الطفيلية الملتصقة هنا وهناك، بينما فرق اغتيال أظافري تجوب خنادق قدمي مصفية كل العناصر المتمردة من بقايا الطفيليات المنسحبة والمتدحرجة على بطون أصابع قدمي ... إنها ذروة النشوة ...

يا سلااااااااام ... يكاد المرء يحس باختفاء جبال العفن البيضاء تلك من تلال قدمه البارزة ...
بينما "الدعكات" الأخيرة لبينيات الأصابع توصلك إلى مرحلة ما بعد السكرة المتجلية ...
آخذا شهيقا بطيئاٍ محسوباً، كما لو كان كل ملليميتر مكعبٍ منه يحمل نفسك الأخير في الحياة بما يمنحك حق الاستمتاع به عن آخر قطرة ...

ذهب الخدر ... وجاءت الراحة ... واستسلمتُ لأصابع يديّ ...
ثم ...
تلفتُّ حولي في حذر، متيقنا أن كل العيون منشغلة عن لوحة وجهي، ومتأكداً أن حركاتي لن تلفت عيناً ليست في جسدي ...
تأكدت، ثم سحبت أصابعي إلى أنفي مستعداً لخدر جديد، واشمئزازٍ ممتع، و ...

- بتعمل إيه عندك يا ... يا ... يا ديرتي يا حيوان انت ؟!!!

سحقاً ... لقد لمحني أحد التتر ... لم تكن دفاعاتي كافيةً بحيث تضع في اعتبارها تلك المزعجة ذات عوينات الصقر الزجاجية ...
التفَتُّ ورائي ... مصطنعاً بسمةً حمقاء كتلك التي تراها على وجوه الفتيات حين يحدثن فتىً لا يعرفنه لأول مرة :

- مفيش ... أنا معملتش حاجة

رفعتُ رأسي أكثر حتى أستطيع استيعاب هذا الجبل الوحشي "الفافي" في عيني الصغيرتين :

- أنا ... كنت بلعب بس ... يا ميس "رغدة"

وكعادة كل "الميسات" في هذه الحضانات، لم تمنع ميس "رغدة" عصاها العزيزة من تقبيل جسدي الصغير في كل "حتة ومتة" بضرب يشبه زغزغة الفراشات لفيلٍ أفريقي يلعب السومو مذ كان عجلاً صغيرا في بطن أمه النعامة المترملة عن تمساح معدوم الأسنان ...

سحقاً "أجين" ... كم أكره حضانة "بيبي ستارز كوتوموتو" الفافي هذه

أكرهها من كل "صوابعي"


نهاية سعيدة ... هابي إندينج

نهاية سعيدة ... هابي إندينج
---------------------------

النهاية الهابي ... من الممكن أن تجدها في آخر صفحة في كتاب الروايات الذي لا يفارق جيبك حتى أضحيت كدودة القز ... أو قد تعثر عليها قبل تترات نهاية الأفلام، وخصوصاً الرومانسية منها، إذا كنت من النوع الذي يبكي حتى النخاع لأن إصبع البطل اتعور واوا و(بيخر دم) ... وقد يسعدك الحظ وتسمع عنها في أحد قصص أقربائك الخيالية بأنه تزوج وعاش (هابيلي إيفر أفتر)

حسناً عزيزي قارئ السطور (اللي هوه حضرتك) ... لا أريد أن أصدمك ... ولكن ... يجب أن أصدمك صدمتين تلاتة أربعة ...
ماذا ؟ ... لا لا لا ... لن أخبرك أن النهايات السعيدة لا وجود لها في عالمنا ... لكني سأحاول أن أكون أكثر تحديدا لهذا الـ "عالم"
ففي دول العالم شرقها وغربها، غنيها وفقيرها، وردت في كتب الدراسات أم لم يذكرها المؤلف لصعوبة نطقها ... في كل هذه الدول توجد نهايات سعيدة ممتدة بلا شروط للبعض، وبالصدفة للبعض الآخر، و "عمال على بطال" لفئات أخرى ... أما في مصرنا الحبيبة، فيستلزم الأمر موافاة كراسة شروط وتجاوز كشف الهيئة حتى تكون أحد هؤلاء المحاظيظ الهابي ...
وطبعا لمعرفتي بمشغولياتك الكثيرة الهامة التي ترقى بالأمة بداية من "دور بلاي ستيشن وينينج إلفن"، مروراً بمسمسل "برعي وتفيدة" البالغ من العمر مائتي حلقة ونص، وانتهاءاً بمائدة العشاء المتخمة بمسببات الحموضة حتى الوفاة ... فإنني ولهذه الأسباب أسوق إليك على عجل و "بسكلتة" دليلك القومي للنهايات السعيدة في بلدنا المصونة ... والتي بموجبها تحصل على "كريديت" سعادة سبيشيال :

--------------

أولا : شروط يجب توافرها :-

1- أن تكون عضوا بأحد أحزاب الدولة التي تتكون من : الحزب الوطني، الحزب الوطني، أو الحزب الوطني
2- أن يكون أحد والديك أو كليهما نائبا بمجلس الشعب أو الشورى، أو أن يكون وزيراً أو رئيس وزراء أو رئيس .... احم ... بلدية ... ويمكن قبول أبناء العومد (جمع عمدة) والغفرا (جمع غفير) بشرط وجود شهادة من اتنين أمريكان إنك مصري
3- أن لا يقل صافي أملاكك عن عربية تمليك 2010 وفيلا وشاليه ... وألا يقل عدد ملايينك عن صوابع غيديك ورجليك ... وألا يقل عدد مريديك عن حمولة 10 عبارات سلام من المواطنين

-------------

ثانياً : شروط "بتمشيلك المصلحة" لمن لا تنطبق عليه الشروط العلوية :-


1- أحد أقربائك من الدرجة الأولى يعمل ضابطاً بالشرطة أو وكيل نيابة ... عشان اللي له ظهر ميتضربش على قفاه، وميتعلقش من رجليه ويتعبط في القسم
2- يجب أن تسير دائما وجيبك عمران خمسات فكة ملفوفة، فستقابل من الكمائن ما يشيب له شعرك، لكن جميعها تحوي عددا من مستقبلي الإكراميات يكفي لأن يصنعون لك موكبا من هنا للحسين ... هنا ستجد فائدة جوانات الخمسة الفكة
3- كلما قابلت مشكلة أو دخلت في خناقة ... ارفع صوتك كحامي حمى مصر القديمة والجديدة والاستعمال الخفيف صائحاً : "انت بتخرف بتقول إيه ؟؟ ... انت متعرفش أنا ابن مين في مصر؟؟ " ... طبعا الإجابة صعبة، لأن التخمين من بين 80 مليون جثة تعيش في نفس البلد يجيبلك هَس في دماغك
4- قم برشوة أمين الشرطة، والمحامي، وقاضي الاستئناف ... قم برشوة كل من حولك .... وقم بجريمتك وأنت مطمئن ... حتى لو كانت إشعال النار في شقة قمت باستئجارها، ثم ادعاء أنها ملكك وعرضها للبيع بعد ذلك ... وكن مطمئنا، لن يحاسبك أحد لأنهم جميعا "واكلين من فضلة فضلاتك"
5- لا تحاول القفز إلى "ليفل" أعلى منك ... بمعنى، لو كان ظهرك "رائد شرطة" فلا تحاول ان تنكش "عميد"، ولو رشوت "أمين مرور" ببريزة فلا تدفع أقل من خمسيناية في حضرة سيادة الضابط ... وعلى قد لحافك مد ما تبقى من صباع رجلك الزغنتوت
6- لا تتكلم أبدا في السياسة، ولا في السياسيات، ولا في التأسيس، ولا في أي من مكونات الفعل "أسس" حتى لو كان بدعوى إلقاء محاضرة عن "أثر الحضارة الرومانية في (الأساس) الحديث"
7- خليك يابني جنب الحيط، الزق فيه ... ولو شالوا الحيط ابنيلك طوبتين على بعض واقف جنبهم ... حيطتك هي حياتك، فامسك فيها بإيديك وسنانك
8- كن دلدولاً مدلدلاً لأصحاب النفوذ، تمحك فيهم قدر استطاعتك ... واستخدم قاموس "النفاق ... دليل وصول كل أفّاق" للتعبير عن إعجابك بكل "تفّة" تخرج من فمهم الموقر ... وابتذل وتبذل حتى لو وصل الأمر إلى لحس الجزم الريدوينج

------------------

وختاماً ... يجب التنبيه على كل شريف شايف نفسه "ابن ناس ومش بتاع حرام" أن البلد مش هتسعه معانا، وبالتالي نطالبه بأن يحل عن نافوخنا متوجها إلى دولة أخرى توزع النهايات السعيدة لكل من لديه طموح، بدل أن يطول به الأمر منتظراً إياها في طابور الجمعية.

إلى هنا ... نكون وصلنا إلى أهم توصيات ورقة "نهاية سعيدة للحبايب" على هامش "المؤتمر العام لنصرة المواطن المصري الموشك على الانقراض" ... مع وعد بصدور فيرجينات جديدة بمجرد ظهور أي طارئ أو عصام أو حسين جديد ...

مع الشكر المفروش بالهابينيز للجميع


Tuesday, February 16, 2010

ولسه ... بتستمر !!!ه


متأخر وصحيت

وع الشغل وجريت

دخل المدير وقال

احنا النهاردة مبيت

-----------

طحنا بعضينا

وسهرنا على عنينا

لازم نلحق نسلم

قبل رحلة مارينا

------------

الشغل وخلصناه

والجهاز وقفلناه

لقينا ناس بيقولوا

احنا اللي عملناه

-----------

ع المدير ورحنا طالعين

قلناله احنا متضايقين

نسهر وتطلع عينينا

وغيرنا اللي متقدرين ؟؟؟

------------

قالنا: والله لو عاجب

ده أنا ليكو مش حابب

وما دمنا فيها أهوه

استقالتكو بقت بالواجب

-----------

قاعد في البيت من غير فلوس

والحاجة بتدعي على الوحوش

نصبوا عليك يا ضنايا

يا رب هدي النفوس

----------

بفتح الجورنان

لقيت إعلان

مطلوب في الحال

شباب غلبان

---------

رحت واستحميت

ومن البارفان وحطيت

أخيرا في شغلانة

كنت خلاص استويت

--------

مقابلة وعملتها

والشغلة واستلمتها

حمدت ربنا

وعلى طول بدأتها

---------

متأخر وصحيت

وع الشغل وجريت

دخل المدير وقال

احنا النهاردة مبيت





وتستمر الحكاية


وتستمر


وتستمر




و .................... تستمر ... ه

امتحان ليسانس تهييس



مدرسة شبين الكوم الابتدائية الثانوية المشتركة


امتحان الفصل الدراسي التالت - شعبة تهييس

السؤال الأول والأخير: اختر من بين الأقواص الحاجة الكويسة :

1- أول من اكتشف السجاير (إيسترن كومباني - المعلم عجوة - كشك عم سيد اللي جنب المدرسة - ألفريد نوبل)

2- تقع مصر في (الحفرة - أفروكيا - جزر الفيونكة - بعد الشر عليها هيا وقعت امتى؟ )

3- الجرجير هو نوع من (المنشطات - المنبهات - المفرتكات - المعطيات)

4- اكتشف نيوتن (الكاذبية - الاشتراكية - العلمانية - الملوخية)

5- السكر عبارة عن (عيا وحش - حاجة حلوة - حاجة منملة - أخو الملح لزم)

6- أعلى برج في العالم (برج نافوخي - برج السيدة نفيسة - سلسلة أبراج هريدي المتحدة - برج الحمام)

7- يتوقف التوتر السطحي لسائل على (صعوبة الامتحان - حالته النفسية - مزاجه الخاص - جمودية أعصابه )

8- حاصل ضرب متوالية عددية لخمسة أرقام زوجية هو (غرامة - سجن المؤبد - إعدام - احنا نروح القسم أحسن)

9- أول من فاز بالماراثون كان (حرامي - نصاب - موظف - واحد متجوز)

10- أشهر لغة على وجه الأرض هي (السيريلانكية - الفزدقية - الصعيدية - لغة الشوارع)

--------------------------------------

شروط الامتحان :
- تترك الورقة كاملة بيضاء, كل من تسول له نفسه إنه يكتب ولو حرف واحد, هيعيد السنة.
- يمكنك الغش إذااستطعت أن ترضي المراقب, تيب: غالبا سيجارة ستفي بالموضوع.
- يمنع منعا باتا الحل الأمين, واللي هيتعرف إنه مذاكر, هيتفصل من المدرسة.

مع تمنياتنا لكم بدوام الضياع


البلد محتجاك دلوقتي



دي تهييسة كتبتها من فترة

بس بما أنها تحتوي على شوية كلمات إنجليزي .... وبالتالي مش هتظبط هنا في المدونة

فممكن تقراها على اللينك ده



هاو تو إييت مانجا ؟

ذا آرت أوف إيتينج مانجا

---------------



المقادير :

مانجاية مكلبظة مبقلظة - سكينة صغنطوطة حامية - معلقة - طبق لارج - مفرش - مناديل

الطريقة :

أولاً : شباب الهاي لايف فايف ستيبس :

- قشر القشر بالسكينة

- فضي اللحم في الطبق

- ارمي البذرة

- استخدم المعلقة لأكل اللحم

- استخدم المنديل لمسح بواقي المانجا من على فمك

ثانياً : طريقتنا احنا بقى :

- امسك المانجاية المبقلظة وبصلها في عينيها - هتلاقيها تحت شوية على اليمين وفي منهم أعور - واديها قصيدة حب

- المانجاية هتدوب في إيدك وتبقى سوبيا

- امسك السكينة ... واديها غزة في كرشها ... هتلاقي الخير بيبظ منها

- قرب الطبق تحت فمك المبجل ليتلقى ما سيتساقط من الخطوة التالية

- اهجم على المانجاية بأسنانك ناصعة البياض وهاتك يا فرتكة لحد ما تجيب أجلها

- مصمص البذرة ... وممكن تشيلها تبقى تلعب بيها صلح في الحارة

- الهط ما سقط من فمك إلى الطبق ... واوعى تنساهم عشان همه دول البهاريز

- ارمي المفرش والمناديل في الطبق ... مش هتستعمل منهم حاجة عشان المفروض إن مفيش حاجة أساسا تتمسح أو تقع منك

- خدلك منجاية تانية وتابع الخطوات اعلاه من جديد



كل مانجو وأنت سو نايس




ملطمة الهلال والنجمة




عايز تلطم ومش عارف ؟؟؟

نفسك تقعد تصوت ومفكش نفس ؟؟؟

دماغك هتطق ونفسك تخبطها في أقرب عمود خرسانة ؟؟

--------------

إليك الحل المثالي ... ملطمة الهلال والنجمة

أجدع ملطمة في شرق الغربية وجنوب الاسكندرية وحواري الدقهلية

ملطمة متعددة الاستخدامات والأغراض

الملطمة ... اللي بتلطم بتلطم بتلطم، لحد ما يبانلك صحاب

----------------

مع ملطمة الهلال والنجمة ... متشيلش هم اللطم

احنا هنلطملك لما تقول يا بس ... ومن غير ما ترفع إيدك نص سنتي حتى

الملطمة مش بتلطم بس ... دي بتخنق في روحك وبتخبط الدماغ ... ولو الموضوع طول عليك ممكن تعملك عملية إنتحار شيك من الغالي

ملطمتنا ... هي الملطمة الوحيدة الحاصلة على أيزو "فكك مني" ... وجائزة "ياخانقني" الدولية التقديرية

كووووووووول ده بـ 99 جنيه فضة ونص جنيه ورق

-----------------

مع ملطمة الهلال والنجمة ... الصويت عليك، واللطم علينا



هناك ... على مقعد الحديقة


هناك ... على مقعد الحديقة



يوم مشرق جميل ، في تلك الحديقة بوسط المدينة، حيث زقزقة العصافير وحفيف الأشجار مع نسيم الصباح، كل ذلك يعزز شعورا داخليا بالسعادة والرضا ... هناك، جلس الرجل على المقعد كعادته كل صباح مطالعا جريدته اليومية

وبينما هو في استغراقه أحس بضيف آخر يجلس بجانبه ، لم يلتفت وعاد إلى التركيز في جريدته ... مرت لحظات من الهدوء يتخللها صوت العصافير وحفيف الأشجار وهو يغرق أكثر في مقالات الصحيفة ... ثم ...

- يوم جميل ... أليس كذلك ؟؟

انتبه فجأة إلى أن هذا الصوت يصدر من جاره في الكرسي، لم يرفع رأسه، فقد اعتاد على مثل تلك الكائنات الحشرية التي تحاول فتح أي باب للحوار ... اكتفى بالإيماء بوجهه بإيجاب ثم غرق من جديد في بحر كلماته

- يبدو أن مقالات اليوم مثيرة نوعا ما

نفخ هواءا وهميا في ضيق ... ثم حرك رأسه إيجابا من جديد ... وعاد إلى ..

- يقولون أن العالم على شفا حرب عالمية جديدة ... ياله من عالم مسكين

سكت ولم يرد ... بينما الغريب يتابع

- هل تتصور أنهم يظنون أنهم يملكون مقادير العالم ... من هم حتى يحددوا ما هو الأصلح للآخرين

بدأ يحس فعلا بالضيق

- لا يستطيعون إدراك كم يكون العالم جميلا عندما تستمتع به في حديقة ما صباحا مع بعض الطيور المغردة هنا وهناك

أعصابه بدأت في التفكك إلى قطعٍ من الأسباجيتي

- هل يظنون أن العالم يحتاج إلى حرب أخرى تحجب هذا الجمال الرباني ؟؟

عينه بدأت في إصدار حركات عصبية

- أخبرني يا أستاذ ... هل تعتقد فعلا أن أدعياء السلام في عالمنا يدركون أي شئ عن الحقائق ؟؟ .. إنها مجرد ترهات لا أكثر

قلبه يدق في عصبية نمر أسود

- إنهم مجرد مجموعة من الفلاسفة

لم ...

- المتكبرين

يعد ...

- المتحذلقين

يحتمل !!!!

فجأة ... انفجر صاحب الجريدة في غضب رافعا عينيه إلى جاره في عصبية صائحا :

- ألا ترى أني منشغل بجريدتي أيها الثرثار ؟؟؟ ... هل أنت أعمى ؟؟

التفت إليه الرجل بنظارة شمسية عريضة ... ثم ابتسم ابتسامة واهنة مرددا :

- في الحقيقة ... نعم

ثم قام مستندا على عصاه، متلمسا بها طريق سيره، بينما خطواته بطيئة قلقة ....

هنا ... أدرك قارئ الجريدة ماذا كان يقصد الرجل بروعة الحديقة وزقزقة العصافير وجمال الكون الرباني

فلا يدرك هذه الحقائق إلا رجل حُرم هذه النعمة ... رجل أعمى






طلعة مواعين ع السريع

طلعة مواعين ... ع السريع


عدت من صلاة الفجر منتعشا، ومليئا بالحيوية والنشاط الـ "مشعللان" ... فرغم برودة الجو التي تدفعك للارتعاش كـ "فايبريشن" موبايل، ورغم أنك قمت من "أحلاها نومة"، ورغم أن أنفك تكاد تتجمد لتتحول إلى قطعة بوفتيك مثلجة ... إلا أن شعورك أنك صليت الفجر يمنحك هذا الإحساس الأسطوري برضا الضمير ...
طبعا ... هذا لا يمنع ان هناك عوامل أخرى "تفرفشني" ... ومنها أكلة ليلة الأمس الرائعة، حيث عدت متأخرا وقتها لأجد زوجتي قد أعدت تلك السفرة التي يبدأ اولها في "زيمبابوي" وتنتهي في "جزر المالديف"، مارةً بغابات "مدغشقر" في السكة، وقد حفلت وازدحمت بما لذ وطاب من أطباق "تبظ" بخيراتها ... طبعا قمت بارتداء المايوه المخصص لهذه الحالات، و"هاتك ياغطس" حتى قضيت على الأخضر واليابس وما بينهما من ألوان الطيف ...


مممم ... لعقت شفتاي الباردتين في تلذذ وأنا أدلف إلى شقتي الدافئة مستعيدا تلك الذكرى الشهية، وأحسست ببعض الرشح الخفيف الذي ينذر بنزلة برد شتوية من "التقيلة" ... دخلت غرفة النوم، ألقيت نظرة على ذات الجمال النائم والتي يبدو على وجهها إرهاق عميق، رأيته واضحا وهي توقظني فجرا قبل أن تصلي ثم تخلد للنوم من تعب تجهيز ملحمة البارحة ...
طالعتها في هدوء ... يا سلام، حتى في نومها وتعبها، تشعر بروحها المرحة الحبيبة، وتحس كما لو كانت تأسر قلبك بين يديها الحانيتين، ثم تلثمه في رفق، قبل أن تعيده مكانه، ونبضاته تكاد تنفجر آملة عدم مغادرة يديها الدافئتين ... بجد، البنت دي جدعة وبنت بلد
قررت الدخول إلى المطبخ للاطمئنان على الأولاد ... احم ... أقصد بواقي المأدبة التاريخية، فما تزال معدتي تحن إلى لقمة أو اثنتين من بقايا المعركة في اليوم السابق، هذا رغم ان معدتي كانت تئن ألما من ثقل الطعام، لكنها في نفس الوقت "بتحن طحن" لطبق آخر من المكرونة البشاميل ... حتة صغيرة بس


دخلت المطبخ، وأشعلت النور ... و ياللهول ! ... فوجئت بهذا الكم من الأطباق والحلل والملاعق والسيوف والدروع والدبابات واستراحات الجنود ومعسكرات الأعداء وبدلات العساكر و ... ، يبدو أنها كانت حربا "بجد وجداني" ...
وقفت مكاني للحظة، ثم اتجهت إلى حوض المطبخ في حذر متخيلا أن يخرج لي تنين بحري من وسط الأطباق يدعى "وحش لوخ مواعينكو"، ثم يهبرني هبرة متوحشة انتقاما للأطباق شهيدة مائدة الأمس ... طالعت حوضي المسكين في فحص وهو يكاد ينشق إلى نصفين كرغيف فينو بايت وناشف ... وتلك الكتل من بواقي الصلصات والمرق تقطر من مكان أو آخر، بينما الحنفية ترسل نقطة صغيرة كل فترة على صحن شبه فارغ محدثة ... "تك" ..


------------------------------------------



ابتلعت ريقي وأنا أتصور زوجتي الحنون الرقيقة، ذات الكفين الناعمين كحرير الهند، وهي تضع يديها في المواعين محاولة التخلص من تلك التلال الطبقية الملاعقية الحللية المبللة ... ياللهول ... يالصبر هؤلاء النسوة، يقمن بكل الأعمال المنزلية التي يجتمع فيها الملل بالعمل الشاق بالإرهاق مع "حبة عفرة" ليجعلها تشد في شعرها كالمجاذيب ... لكنها مع ذلك تحاول التخلص من كل ذلك لتجعل الحياة لطيفة ... أقول تحاول، لأنه في الغالب لا تستطيع تلك المرأة الكادحة القيام بكل هذا العمل ثم التخلص من رائحة البصل وأخذ دش سريع وتسريح شعرها لتبدو كسندريلا "وقعت" من إحدى القصص الخيالية، قبل أن يصل زوجها ... ومع ذلك فهو يدخل البيت كضابط عسكري برتبة لواء ونسر تعذيب، ليلاحظ كل صغيرة وكبيرة و"يقلبها نكد" ... يالنا من صنف "ميملاش عينه غير الرملة بالحصى" على رأي والدتي العزيزة ...


وهذه فعلا حقيقة لا ينكرها كلانا، لأني بالتأكيد أحسست بالأسى من أجل زوجتي بشدة، ومع ذلك فقد قررت الانسحاب للنوم ! ... هذه المواعين بالتأكيد مشكلتها وليست مشكلتي .. أنا راجل شقيان، أجري على لقمة العيش صباحا بينما أترك لها أحوال البيت و "مواعينه" ... هذه قسمة عادلة وتشعرني بالرضا ...


لكن ما إن وصلت إلى باب المطبخ، حتى استيقظ هذا الضمير اللعين الميت منذ سنين ... التفت إلى أكوام المواعين ببطء، وفكرت في هذا الجو البارد، وأصابع قدمي التي "تقب" من "الشبشب" تكاد تتحول إلى أصابع كفتة مجمدة، وضميري يأمرني بأن أحل محل زوجتي كـ "غسّال مواعين" ... دلكت يداي في شعور فجائي بالبرد وأنا أتخيل ملمس الماء الذي سيصبح كسكين "تلمة" في هذا الجو الزمهريري، وخصوصا أن أعراض البرد تلك تدفعني للقلق من أن أصاب بإعياء يجعلني طريح الفراش ... خلاص بقى، هي تبقى تتصرف يا عم!!... هممت بالطيران على السرير، لكن صوت ضميري "المنيل بستين نيلة" ردد : دي عملتلك الأكل مخصوص يا جدع، خلي عندك دم !


"خلاص خلاص ... حل عن نافوخي" ... رددت الكلمات في غضب، ونفثت أنفاساً تنينية طازة في قرف، ثم توجهت إلى الحوض ... حسنا، لا بد لأحدهم أن يفعلها ... والآن، وإلا فلا للأبد ...





لكن هذا بالتأكيد يحتاج لبعض التحضير النافوخي ... لذا، وضعت البراد على البوتوجاز وأشعلته ... تناولت كوبا أتقذته بصعوبة وسط هذه الأكوام القذرة، بعض السكر مع فتلة شاي أخضر، وها قد أصبحت "العدة" جاهزة ...
تركت البراد ليغلي وتوجهت إلى حوض المطبخ المبجل، مشمرا عن ساعديّ المليئان بالعضلات لدرجة تجعلهما أشبه بعودي كبريت "عاملين ريجيم" ... ثم سميت، فتحت الماء لينهمر كرصاص مجمد لسه خارج من الفريزر، ودفست يداي وسط هذا المستنقع الموحش من الأطباق، لتبدءا في التجمد، وليبدأ عهد جديد من المذابح المواعينية ...


------------------------------------------


بدأت أستخرج الملاعق أولاً، سهلة الحمل، ويمكن غسلها بالجملة ... صدقني، ابدأ بها لأنها ستعطيك إحساسا زائفا "إنك بتنجز" (هذا على افتراض أن ضميرك السوسة قام بوزك كما فعل معي)، طبعا لا تلتفت إلى تلك النتوءات البارزة أو التجريحات الموجودة في الملاعق، لاحظ أنك -وغالباً معك الأولاد- تمتلكون قدرة افتراسية رهيبة يحسدكم عليها الأسد "سيمبا" بذاته، ومن الطبيعي أن أسنانكم الصلبة التي تعودت على أكل الفول الخرساني، قادرة على قرمشة تلك الملاعق في "بق واحد ... أهم شئ ألا تترك عددا منها على المائدة قبل تحضير الطعام، قد يقوم أحد أولادك المفاجيع بتناول أحدها و "قرقشتها" لتسلية الوقت حتى يأتي الطعام ... نرجع للمواعين، الآن، خش على الأطباق المسطحة، لذيذة كده والليفة بتتمشى فيها رايح جاي ... بعدين خش على الأطباق العادية والسكاكين والكوبايات والـ ... صوت البراد ... تذكرت الآن "إني معملتش دماغ" ..


اتجهت إلى البراد بعد أن "قطعت الميه في بعض"، ثم صببتها على مقادير كوبي العزيز، وقمت بالتقليب ، أخيرا أستطيع رد الدفء في نفسي قليلا ... كانت يداي مبللتان، وجسمي مرهق يسمح بتلقي تيارات الهواء الباردة ليرتجف جسدي في رجفة أو اثنتين، وأرنبة أنفي قد نبت عليها بعض الثلج دليلا على بدء مشروع رجل ثلجي ... ارتجفت رجفة سريعة، ثم تناولت ذلك الكوب الساخن بين راحتي يديّ باعثا دفئه في شرايينهما المجمدة، ثم رفعته ورشفت رشفة، ليبدأ مفعول الشاي الأخضر السحري بدفئه يتغلغل إلى أعماقي، باعثاً بدفء محبب تدريجي على كل جزء يمر به لينتشر بعدها في تلك الخلايا التي اعتقدَت لوهلة أن صاحبها قد مات فبدأت تعد حقائب السفر لتغادرها من مطار ر"رحي" الدولي، لكني على يقين أنها تراجعت عن رأيها بعدما أصابتها لفحات السائل السحري، فعادت إلى مكانها مكملة عملها "كأجدعها شغالة" ...


توالت الرشفات وتوالى عودة الخلايا إلى عملها من جديد، ثم توقفت قليلا مخرجا تنهيدةً تحمل نفساً حاراً منتعشاً، مطالعا تلك الأطباق النظيفة التي أنجزتها والتي تبدو تحت ناظريَّ قطعاً من المرمر الساحر، بينما بريقها يعطي إحساساً مبهجاً بالنظافة، جعلني أهتف في نفسي برضا:
- عليا الطلبات يابني انت معلم ... هوه ده الشغل اللي على ميه بيضه ولا بلاش ...


وضعت الكوب جانباً وقد ملئتني الحماسة من جديد، فتناولت تلك الليفة "المرغية" وعدت إلى تلك الأطباق المتناثرة ... أخذت أمسح وأغسل وأرص ما ينتهي، حتى أتيت على الأطباق كلها ... تنهدت في راحة، رشفت رشفة أخرى (طبعاً من الشاي الأخضر لا من المواعين)، ثم اتجهت إلى الكابوس الأزلي الذي تعاني منه كل ست بيت، "الحلل المدهننة" ... أعلم يقينا أن زوجتي تسرف أحيانا في الزيت والسمن، لكني لم ادرك حقيقة ذلك إلى في تلك المرحلة المواعينية، هذا غير أن مهارات زوجتي في الطبخ لم تمنعها من حرق بعض الطعام في القاع، بما تحتويه من بقايا "لازقة" في قاع الحلة ... في الحقيقة، لقد كانت الحلل في حالة يرثى لها و "حالتها تصعب ع الكافر" ..


هنا تناولت سلاحاً جديداً من رف الأسلحة البيولوجية، سلك المواعين، ذاك السلاح المحرم دوليا لما يحدثه من تعذيب في أجساد المواطنين الحلليين رغبة في تنظيفهم، ولو علمت منظمة "مواعين بلا حدود" باستخدامي لهـا سـ "ترغي" وتشجب ما أفعله، بل قد يصبح الأمر ("فيري" دنجرس) إذا قامت لجنة بزيارة المطبخ واطلعت على شكوى الحلل ... لذا، قمت بغمر السلك في بعض الصابون "من تحت لتحت" دون أن تنتبه الحلل، ثم ترغيتها بشدة حتى يصعب رؤيتها، و ... هوب، أهجم على الحلة في غفلة لأبدأ دعكها بشدة كما لو كنت أبرد ظفر فيل أفريقي لم يقصه منذ عشر سنوات ... زاد نشاطي وزدت إصرارا على إنهاء تلك المهمة، فأخذت أذرع الحلة جيئة وذهاباً بكلكيعة السلك تلك مزيلا تلك البواقي والدهون ...



بدأت أنفاسي تتسارع، وعضلاتي تتوتر، وجبيني ينزف عرقاً .... حتى انتهيت من هذا الفاصل المعذب لكلانا، الحلل وأنا ... تراجعت في تعب هستيري، بينما أتناول كوبي الدافئ سابقاً، لأجده قد تحول إلى قالب ثلجي من البرد، ألقيته جانبا وأنا أنظر إلى الإنجاز الذي حققته ... بينما خاطري يرسم لي فيلما قصيرا عن وضع زوجتي لو كانت هي التي قامت بهذا العمل، خصوصا تلك المعركة مع الحلل، ومدى التعب الذي يصيبها والجهد الذي يضنيها ... ومع ذلك أعود دائما من العمل لأجدها كبدر مضئ في ظلمة الحياة الرتيبىة التي ...
- إيه ده ؟ ... إن عملت إيه ؟؟


أيقظني هذا الصوت الدافئ من فيلمي العقلي، لألتفت مستعيضا عن هذه الخيالات المجردة، بملئ عينيّ بمنظر حي لهذا القمر الواقف على باب المطبخ موجهاً سؤاله إليّ ...


ابتسمت في إرهاق مطالعاً زوجتي الحنون التي تنظر لي بإشفاق متدثرة بثوبها الفروي الدافئ، ومتخيلة إياي في هذا البرد مبتلا وباذلاً كل هذا المجهود، حتى أني لمحت ارتجافة سريعة في جسدها يدل على احساسها ببرودة مفاجئة مما أنا عليه ... تباً لها تلك الارتجافة، كيف تجرؤ على مجرد المساس بها ... لأمسكنها يوميا (الارتجافة طبعاً) ثم لأقتلنها، ولأعلقنها على بابا الشعرية لتكون عبرة لمن لا يـ "أندرستاند هيز ليميتس" ...
- يا عيني ... انت بجد عملت المواعين في البرد ده ؟؟؟ ... طب ليه كده بس ؟؟


استيقظت من جديد فهمست كالمسحور :
- عشان عيون الجميل ..


ضحكت ضحكتها الصافية التي ردت فيَّ روحاً أقوى من التي فعلها ذاك الشاي الأخضر, هذا أكيد، فأنت لن تتزوج باكو شاي أخضر يوما ما ... وبالتالي لن يضحك تلك الضحكة الساحرة ...


خرجنا من المطبخ لأقوم بتغيير ملابسي والذهاب إلى العمل، بينما أحس أن الرشح يزيد والحرارة ترتفع ... أحسَّت هي بذلك، فلمست جبيني ثم رددت :
- يااااااااااااه ... انت سخن نار ... لازم تريح النهاردة


------------------------------------------


أعلم كم تحب النساء تهويل الأمور، وتجعل من الحبة قبة كما يقولون ... لكني فعلا كنت أشعر بإعياء شديد، خصوصاً مع هذا المجهود السابق ... لذا فقد ساعدتني كلماتها على اتخاذ قرار بـ "قلب" اليوم أجازة، وليذهب العمل إلى ... احم ... "مشوار ويرجع تاني" ...




دخلت أنا غرفة النوم بينما دلفت هي إلى المطبخ، أغلقت موبايلي حتى لا أتعرض لإزعاج زملاء العمل الذين يشعرونك بأن "الشركة خربت وولعت وجالها بواسير" لمجرد أنك تغيبت اليوم، بينما الحقيقة أنك ستذهب لتجلس اليوم كله دون عمل بسبب سوء التنسيق حتى يأتي لك العمل الساعة الخامسة مساءاً، فتعتذر لأن هذا موعد الانصراف ... استلقيت على السرير وتغطيت وأحسنت "استغطاطي" حتى لا تتسرب نسمة هواء واحدة ...



لحظات، ودلفت زوجتي بكوب ليمون ساخن يشع دفئاً وطاقة، وكلي ثقة أن مجرد لمس يديها الحانيتان لليمون أثناء عمله سيمنحه مذاقاً عسليا وتأثيراً دافئاً أكثر من المفترض ... اعتدلت في جلستي وتناولت منها كوب الليمون قائلاً :
- بلاش تدلعيني لحسن آخد ع الدلع ... وساعتها ممكن أعيط وأطلب منك مصاصة بطعم الفراخ البانيه ...



ابتسامة توشك أن تشق السماء روعة، ثم طبعت قبلة على جبيني مرددة بلهجة ساخرة :
- ولا يهمك خالص ... المهم تقوم بالسلامة، عشان تلحق تنشرلنا فمين الغسيل المركونيين ...


حقاً ياللنساء !!!!!! ...ه



Thursday, January 21, 2010

حرية بابا أوبحية

حرية بابا أوبحية

------------------

المكان : جمهورية بابا أوبح الفدرالية

الزمان : من حبة صغنتتين فاتو

استيقظ كبير القديسين كعادته كل صباح متثائباً وفاتحا فمه كسيد قشطة يوشك على تناول وجبة "كفتاكي" كومبو،
ثم توجه مرتديا ملابسه الكهنوتية، وتوجه مباشرة إلى عزبة سعادته ... الوزارة

وهناك ... دخل عليه مساعده الأول، فانحنى مقبلا يده مرددا :

- السلام عليكم يا مولانا

امتعض وجه كبير القديسين وهو يردد :

- إيه السلام عليكو دي ... فين صباح الخير ... صباحه فل ... جوود مورنينج
... كامي

- صباح القطايف والسمنة البلدي يا سيدنا ... انت تؤمر

- طيب ... المهم ... ما هو الجديد لدينا يا ولد

- سعادتك النهاردة هتنزل تعمل لفة على السريع على معاهد وزارتك

- يادي القرف ... هوه أنا خلفت المعاهد دي ونسيتها، لازم كل شوية أنزل أبص
عليهم ... نفسي كده أروح أدي بصة على دريم بارك وأتزحلق شوية

- متقلقش سعادتك ... كلها حبة وهنلغي الوزارة خالص وتبرطع براحتك ... شد
انت بس حيلك وهات درفها

- أوكي ... هيا بنا لتلك المعاهد

------------------------

في أحد المعاهد "القديسية" للبنات ... تجول فضيلته بين الفصول
ملقيا نظرة هنا ونظرة هناك ... دخل أحد الفصول، و "صبح" على الطالبات،
والتفت يتفقدهم و ...

فجأة، رأى ذلك المنظر المريع الشنيع الفظيع، فـ "سورق" فضيلته،
وكاد يغمى عليه لما رأته عينه الرقيقة من منظر مرعب ... رأى فتاة، مرتدية ملابس
محتشمة، بل وسوداء !!!

- يا نهار كاروهات من غير شمس

صرخ فضيلته بصوت أسمع حسه بلاد "فكك مني" المجاورة ... ثم صرخ في
الفتاة :

- إيه اللي انتي عاملاه ده ؟ ... انتي فاكرة نفسك فين ؟؟ ... في مدرسة
"قديسية" ؟

مال عليه مساعده بسرعة : احنا في معهد قديسي على فكرة فضيلتك

لكن سيادته لم يسكت ... بل تابع :

- إيه التخلف اللي انتي فيه ده ... ازاي تلبسي حاجة زي كده ... ومحتشم كمان
؟؟ ... قلبي ... قلبي

ناوله المساعد دواء القلب بسرعة ... فيما ردت الفتاة المصدومة :

- حضرتك ... أنا اتعلمت كده ... ألبس محتشم وأبقى مؤدبة ... عشان ممشيش
الناس تقعد تتفرج عليا

صرخ الكبير :

- انتي جاهلة ... واللي علمك جاهل ... وكمان إزاي تلبسي حاجة كده في مدرسة
كلها بنات ؟؟

هنا تدخلت المدرسة :

- حضرتك هي بتلبس عادي لما نكون لوحدنا ... لكن لما بيجي رجالة - على
افتراض إن حضرتك راجل - بتلبس المحتشم

هنا صرخ سيادته في هستيريا والزبد يتطاير من فمه :

- دي جاهلة ... وانتي جاهلة ... وكلهم جاهلين ... وأنا ربكم الأعلــ ...

فجأة ... سكت بسرعة عندما وجد كل العيون تحدق به ... حاول الاستدراك صارخا
في الفتاة :

- اقلعي الأسود ده

بكت الفتاة وخلعت الأسود مضطرة، فبادرها قائلا:

- أومال لو كنتي حلوة ومسمسة كده زي نانسي عجرم اللي مجنيناني ... كنتي
عملتي إيه ؟؟

كادت المدرسة تفقأ عينه وهي تصرخ فيه :

- حرام عليك يا جدع ... دي لسه بنت صغيرة

ارتجف سعادته وأسرع يختبأ خلف مساعده ... ثم خد رجالته وحط ديله في سنانه
وفتح ع الرابع ...

-----

وهناك ... في مقر عزبته الوزارية ..

- يادي النيلة ... يادي النيلة ... لساني ده موديني اللومان

- معلش فضيلتك ... كل مشكلة وليها حل

- حل إيه يابني آدم ... انت عارف إن موقفهم كان سليم ... وبعدين أنا بعبعت
بحاجات كتير غلط قصاد الإعلام ... ماما تقول عليا إيه دلوقتي، لسه فاشل زي ما أنا
؟؟؟

- ولا يهمك يا ريس ... احنا هنعمل اشتغالة محترمة

- اشتغالة إيه ياض ؟؟ ... نهارك
أبيض، تكونش عاوزني أستقيل من الهيلمان والميغة اللي أنا فيها دي ؟؟

- استقالة إيه بس سيادتك ... انت كل اللي هتعمله، هتطلع قرار صغير، بتقول
فيه محدش يلبس أسود في المعاهد القديسية اللي كلها بنات ...

- ما هو يا أهبل ده اللي بيحص

ابتسم المساعد في مكر قائلا :

- بالضبط كده

فغر كبير القديسين فمه لحظات في بلاهة وهو يتمتم :

- قصدك أبان إني خدت قرار مهم وإن معايا حق، لكن في الحقيقة الدنيا من
الأول ماشية كده

- تمام يا مولانا ... وبعدين تقول إن الأسود مش من القداسة في شئ، وإنه
حاجة مبتدعة ومجرد عادة

- بس يابتاع انت مانتا عارف إني
قلت الحقيقة زمان، وقلت إن الأسود المحتشم حاجة كويسة ومن حق الواحدة تلبسه

- يا مولانا قول إنك غيرت رأيك .. قول إنك قريت رأي مخالف في كتاب
"هيس بأي كلام ... لكركور إمام" ... أي كدبة يامولانا، مش هعلمك أنا،
دانتا أبو الكدب كله يعني

أخذ يفكر برهة بينما مساعده يتابع :

- وبعدين الواد "فاضل حمام" بيخدمنا تمام ... يعمل أفلام كل ما يشوف
واحدة لابسة أسود اسم الله عليه يتخض كده والناس تضحك وخلاص، احنا نوصيه يعمل
فيلمين كمان يطلع فيهم الناس دي وحشة وحرامية ... وهمه اللي مبوظين البلد، وهتلاقي
الشعب كله صدق زي اللي ملوش فيها، وتطلع انت معاك حق وبتدافع عن بلدنا ضد الإرهاب

- عفارم عليك يا ولد انت ... قلتلي ... اسمك إيه ؟؟

زادت ابتسامة المساعد أكثر وهو يرد :

- خدام فضيلتك ... إبليس يا مولانا

--------------------------------------------

المكان : جامعة "الحرية والتنوير والهجص ده كله"

دخل السكرتير العام على مكتب رئيس الجامعة، واضعا أمامه جريدة بها قرار منع
السواد من كبير القديسين، وهو يقول :

- دلوقتي فرصتنا يا كبير ... نضرب وهي سخنة

طالع رئيس الجامعة القرار ثم ردد :

- دي حاجة هايلة، دلوقتي هنقدر نعمل اللي نفسنا فيه ... ونلزقها في كبير
الطراطير ده ... بس ...

- بس إيه سعادتك

- أنا خايف العيال بتوع الجماعات يطلعوا فيها ويعملولنا مظاهرات ويشتموني
بشتايم وحشة، وانت عارف إني فافي وبعيط لما حد بيشتمني

- على بابا يا جدع !!

- نعم ؟؟

- قصدي ... حضرتك متخافش ... هنخلي الأمن يظبطهم ... وبعدين طول مانتا سايب
البنات لابسة المحزق والملزق، ومبينة كل اللي عندها، وتهز رايحة جاية ... يبقى
متقلقش، بقية الطلبة هيفضلوا مريلين ومش هيعبروا بتوع الجماعات ولا هيطلعوا
مظاهرات .... الكلام ده لو منعنا البنات تلبس لبس الرقاصات اللي بييجوا بيه،
ساعتها كل الطلبة وبتوع حقوق الإنسان والحيوان هيقولولك ده كبت لحرية المرأة

مال عليه اكثر مرددا :

- إنما دول شوية بنات غلابة لابسين أسود محتشم ... لازم نضيق عليهم لحد ما
يفطسوا ... ومحدش هيتكلم عشان وزير الأمن شايف شغله كويس وكل الشعب عنده
"فايبريشن" من الخوف

- طيب ... نبدأ الأول بالمدن الجامعية ... نقول محدش يخش بالسواد عشان في
بنات بتخبي رجالة معاهم فيه

- صحيح هوه تفسير أهبل زي سعادتك ... بس الناس كلها هتقتنع

- وبعدين نمنعه من الامتحانات عشان البنات ممكن يغشوا بيه

- ياااااااااااه ... مستوى العبط عندك في ارتفاع دائم، اللهم لا حسد ... بس
الناس هترضى على طول، محدش هيضيع وقته يفكر إن في ناس بتبص عليهم وبتفتشهم همه
مخصوص من الأول دونا حتى عن اللي لابسين إيشاربات، ولا إن نفسية البنت ممكن تبوظ
وهي بتمتحن ... المهم إنك اديتهم أي كلام وهمه ناموا مرتاحين وخلاص

- يعجبني فيك إنك فاهمني على طول يا ... يا ...

- تلميذك يا دكتور ... إبليس

----------------------

انتشرت أخبار منع السواد في أنحاء جمهورية بابا أوبح، وخصوصا بعد قرار
تعيين رئيس جامعة"الحرية والتنوير والهجص ده كله" وزيرا لوزارة
"الهجص المبكر" ... فأسرع رؤساء الجامعات بإصدار قرارات منع السواد
المحتشم في الامتحانات، وأصبحوا يتسابقون
للظهور في برامج "التوك شو" حتى تنتبه الحكومة لعبطهم فتعينهم في مختلف
وزارات العبط

وأصبح عميد كلية "الناس الكويسة" يعلن أن : الحرب على السواد
المحتشم أدعى من محاربة العدو ... رغم تأكيد زملائه وتلامذته أنه كان دائما يدعوهم
إلى الثبات على مبادئهم خصوصا بعد صدور قرار كبير القديسين ... لكن يبدو أن الكرسي
"زغلل عينه وجابله استبحس" فباع تلك المبادئ في سوق الجمعة استعمال خفيف
...

لم تصدق الفتيات المحتشمات ما حدث ... وتوجهن إلى الحكومة لإنصافهن، لكنها
أقرت بالعبط الصادر من تلك الشلة ... بينما انشغل الشعب البابا أوبحي، بمشاهدة
مباريات "كأس الإمعية للدول السلبية" " ... وقتل ذوي الدين الآخر
لأنهم "مش زيهم"، بينما يسب هو الدين ليل نهار حتى خرج منه من زمان وهوه
مش دريان، ومدافعا عن بناء سور الجنينة الذي تقيمه حكومته بدعوى حماية جزرها ،رغم
أن الأرانب على الجانب الآخر ماتت من الحصار اللي فات ... تاركا كل تلك القضايا
تحت بند "وأنا مال أهلي"

لتستمر الحياة ..



--------------------

في عزبة كبير القديسين، حيث يجلس فضيلته متابعا الأخبار، وبجانبه مساعده
إبليس ... ردد :

- كويس .. كويس ... الدنيا بقت تمام وكله نسي وعاش حياته ... عالم ملهاش في
حاجة أصلا

- طبعا يا مولانا ... احنا بقى نستريح ونبدأ نخطط لحاجة بعيدة و ...

- بعيدة إيه يا بتاع إنت ... احنا لازم نعملنا مصيبة تانية في السخونية دي
عشان يقولوا عليا فلتة زماني

تسرب القلق إلى قلب إبليس مرددا :

- انت فعلا "فتلة" زمانك

- المهم ... أنا عندي فكرة فحيتة

رد في حذر :

- إيه يا مولانا

- إيه رأيك ؟؟ ... نطلع فتوى إنه يجوز لحكومتنا بناء سور الجنينة، وإن اللي
يعارضه مخالف لتعاليم القداسة

هنا صرخ إبليس في صدمة :

- حرام عليك يا جدع انت .... اتقي الله !!!





-------------------------------------------------------------------------------

جميع احداث هذه القصة هي من خيال كاتبها المريض بالهبوط الزعبوطي، وأي
تشابه بينها وبين الواقع هو مجرد مصادفة وحشة ... أصل الحاجات دي بتحصل في "الإيماجينيشن" بس