Thursday, January 21, 2010

حرية بابا أوبحية

حرية بابا أوبحية

------------------

المكان : جمهورية بابا أوبح الفدرالية

الزمان : من حبة صغنتتين فاتو

استيقظ كبير القديسين كعادته كل صباح متثائباً وفاتحا فمه كسيد قشطة يوشك على تناول وجبة "كفتاكي" كومبو،
ثم توجه مرتديا ملابسه الكهنوتية، وتوجه مباشرة إلى عزبة سعادته ... الوزارة

وهناك ... دخل عليه مساعده الأول، فانحنى مقبلا يده مرددا :

- السلام عليكم يا مولانا

امتعض وجه كبير القديسين وهو يردد :

- إيه السلام عليكو دي ... فين صباح الخير ... صباحه فل ... جوود مورنينج
... كامي

- صباح القطايف والسمنة البلدي يا سيدنا ... انت تؤمر

- طيب ... المهم ... ما هو الجديد لدينا يا ولد

- سعادتك النهاردة هتنزل تعمل لفة على السريع على معاهد وزارتك

- يادي القرف ... هوه أنا خلفت المعاهد دي ونسيتها، لازم كل شوية أنزل أبص
عليهم ... نفسي كده أروح أدي بصة على دريم بارك وأتزحلق شوية

- متقلقش سعادتك ... كلها حبة وهنلغي الوزارة خالص وتبرطع براحتك ... شد
انت بس حيلك وهات درفها

- أوكي ... هيا بنا لتلك المعاهد

------------------------

في أحد المعاهد "القديسية" للبنات ... تجول فضيلته بين الفصول
ملقيا نظرة هنا ونظرة هناك ... دخل أحد الفصول، و "صبح" على الطالبات،
والتفت يتفقدهم و ...

فجأة، رأى ذلك المنظر المريع الشنيع الفظيع، فـ "سورق" فضيلته،
وكاد يغمى عليه لما رأته عينه الرقيقة من منظر مرعب ... رأى فتاة، مرتدية ملابس
محتشمة، بل وسوداء !!!

- يا نهار كاروهات من غير شمس

صرخ فضيلته بصوت أسمع حسه بلاد "فكك مني" المجاورة ... ثم صرخ في
الفتاة :

- إيه اللي انتي عاملاه ده ؟ ... انتي فاكرة نفسك فين ؟؟ ... في مدرسة
"قديسية" ؟

مال عليه مساعده بسرعة : احنا في معهد قديسي على فكرة فضيلتك

لكن سيادته لم يسكت ... بل تابع :

- إيه التخلف اللي انتي فيه ده ... ازاي تلبسي حاجة زي كده ... ومحتشم كمان
؟؟ ... قلبي ... قلبي

ناوله المساعد دواء القلب بسرعة ... فيما ردت الفتاة المصدومة :

- حضرتك ... أنا اتعلمت كده ... ألبس محتشم وأبقى مؤدبة ... عشان ممشيش
الناس تقعد تتفرج عليا

صرخ الكبير :

- انتي جاهلة ... واللي علمك جاهل ... وكمان إزاي تلبسي حاجة كده في مدرسة
كلها بنات ؟؟

هنا تدخلت المدرسة :

- حضرتك هي بتلبس عادي لما نكون لوحدنا ... لكن لما بيجي رجالة - على
افتراض إن حضرتك راجل - بتلبس المحتشم

هنا صرخ سيادته في هستيريا والزبد يتطاير من فمه :

- دي جاهلة ... وانتي جاهلة ... وكلهم جاهلين ... وأنا ربكم الأعلــ ...

فجأة ... سكت بسرعة عندما وجد كل العيون تحدق به ... حاول الاستدراك صارخا
في الفتاة :

- اقلعي الأسود ده

بكت الفتاة وخلعت الأسود مضطرة، فبادرها قائلا:

- أومال لو كنتي حلوة ومسمسة كده زي نانسي عجرم اللي مجنيناني ... كنتي
عملتي إيه ؟؟

كادت المدرسة تفقأ عينه وهي تصرخ فيه :

- حرام عليك يا جدع ... دي لسه بنت صغيرة

ارتجف سعادته وأسرع يختبأ خلف مساعده ... ثم خد رجالته وحط ديله في سنانه
وفتح ع الرابع ...

-----

وهناك ... في مقر عزبته الوزارية ..

- يادي النيلة ... يادي النيلة ... لساني ده موديني اللومان

- معلش فضيلتك ... كل مشكلة وليها حل

- حل إيه يابني آدم ... انت عارف إن موقفهم كان سليم ... وبعدين أنا بعبعت
بحاجات كتير غلط قصاد الإعلام ... ماما تقول عليا إيه دلوقتي، لسه فاشل زي ما أنا
؟؟؟

- ولا يهمك يا ريس ... احنا هنعمل اشتغالة محترمة

- اشتغالة إيه ياض ؟؟ ... نهارك
أبيض، تكونش عاوزني أستقيل من الهيلمان والميغة اللي أنا فيها دي ؟؟

- استقالة إيه بس سيادتك ... انت كل اللي هتعمله، هتطلع قرار صغير، بتقول
فيه محدش يلبس أسود في المعاهد القديسية اللي كلها بنات ...

- ما هو يا أهبل ده اللي بيحص

ابتسم المساعد في مكر قائلا :

- بالضبط كده

فغر كبير القديسين فمه لحظات في بلاهة وهو يتمتم :

- قصدك أبان إني خدت قرار مهم وإن معايا حق، لكن في الحقيقة الدنيا من
الأول ماشية كده

- تمام يا مولانا ... وبعدين تقول إن الأسود مش من القداسة في شئ، وإنه
حاجة مبتدعة ومجرد عادة

- بس يابتاع انت مانتا عارف إني
قلت الحقيقة زمان، وقلت إن الأسود المحتشم حاجة كويسة ومن حق الواحدة تلبسه

- يا مولانا قول إنك غيرت رأيك .. قول إنك قريت رأي مخالف في كتاب
"هيس بأي كلام ... لكركور إمام" ... أي كدبة يامولانا، مش هعلمك أنا،
دانتا أبو الكدب كله يعني

أخذ يفكر برهة بينما مساعده يتابع :

- وبعدين الواد "فاضل حمام" بيخدمنا تمام ... يعمل أفلام كل ما يشوف
واحدة لابسة أسود اسم الله عليه يتخض كده والناس تضحك وخلاص، احنا نوصيه يعمل
فيلمين كمان يطلع فيهم الناس دي وحشة وحرامية ... وهمه اللي مبوظين البلد، وهتلاقي
الشعب كله صدق زي اللي ملوش فيها، وتطلع انت معاك حق وبتدافع عن بلدنا ضد الإرهاب

- عفارم عليك يا ولد انت ... قلتلي ... اسمك إيه ؟؟

زادت ابتسامة المساعد أكثر وهو يرد :

- خدام فضيلتك ... إبليس يا مولانا

--------------------------------------------

المكان : جامعة "الحرية والتنوير والهجص ده كله"

دخل السكرتير العام على مكتب رئيس الجامعة، واضعا أمامه جريدة بها قرار منع
السواد من كبير القديسين، وهو يقول :

- دلوقتي فرصتنا يا كبير ... نضرب وهي سخنة

طالع رئيس الجامعة القرار ثم ردد :

- دي حاجة هايلة، دلوقتي هنقدر نعمل اللي نفسنا فيه ... ونلزقها في كبير
الطراطير ده ... بس ...

- بس إيه سعادتك

- أنا خايف العيال بتوع الجماعات يطلعوا فيها ويعملولنا مظاهرات ويشتموني
بشتايم وحشة، وانت عارف إني فافي وبعيط لما حد بيشتمني

- على بابا يا جدع !!

- نعم ؟؟

- قصدي ... حضرتك متخافش ... هنخلي الأمن يظبطهم ... وبعدين طول مانتا سايب
البنات لابسة المحزق والملزق، ومبينة كل اللي عندها، وتهز رايحة جاية ... يبقى
متقلقش، بقية الطلبة هيفضلوا مريلين ومش هيعبروا بتوع الجماعات ولا هيطلعوا
مظاهرات .... الكلام ده لو منعنا البنات تلبس لبس الرقاصات اللي بييجوا بيه،
ساعتها كل الطلبة وبتوع حقوق الإنسان والحيوان هيقولولك ده كبت لحرية المرأة

مال عليه اكثر مرددا :

- إنما دول شوية بنات غلابة لابسين أسود محتشم ... لازم نضيق عليهم لحد ما
يفطسوا ... ومحدش هيتكلم عشان وزير الأمن شايف شغله كويس وكل الشعب عنده
"فايبريشن" من الخوف

- طيب ... نبدأ الأول بالمدن الجامعية ... نقول محدش يخش بالسواد عشان في
بنات بتخبي رجالة معاهم فيه

- صحيح هوه تفسير أهبل زي سعادتك ... بس الناس كلها هتقتنع

- وبعدين نمنعه من الامتحانات عشان البنات ممكن يغشوا بيه

- ياااااااااااه ... مستوى العبط عندك في ارتفاع دائم، اللهم لا حسد ... بس
الناس هترضى على طول، محدش هيضيع وقته يفكر إن في ناس بتبص عليهم وبتفتشهم همه
مخصوص من الأول دونا حتى عن اللي لابسين إيشاربات، ولا إن نفسية البنت ممكن تبوظ
وهي بتمتحن ... المهم إنك اديتهم أي كلام وهمه ناموا مرتاحين وخلاص

- يعجبني فيك إنك فاهمني على طول يا ... يا ...

- تلميذك يا دكتور ... إبليس

----------------------

انتشرت أخبار منع السواد في أنحاء جمهورية بابا أوبح، وخصوصا بعد قرار
تعيين رئيس جامعة"الحرية والتنوير والهجص ده كله" وزيرا لوزارة
"الهجص المبكر" ... فأسرع رؤساء الجامعات بإصدار قرارات منع السواد
المحتشم في الامتحانات، وأصبحوا يتسابقون
للظهور في برامج "التوك شو" حتى تنتبه الحكومة لعبطهم فتعينهم في مختلف
وزارات العبط

وأصبح عميد كلية "الناس الكويسة" يعلن أن : الحرب على السواد
المحتشم أدعى من محاربة العدو ... رغم تأكيد زملائه وتلامذته أنه كان دائما يدعوهم
إلى الثبات على مبادئهم خصوصا بعد صدور قرار كبير القديسين ... لكن يبدو أن الكرسي
"زغلل عينه وجابله استبحس" فباع تلك المبادئ في سوق الجمعة استعمال خفيف
...

لم تصدق الفتيات المحتشمات ما حدث ... وتوجهن إلى الحكومة لإنصافهن، لكنها
أقرت بالعبط الصادر من تلك الشلة ... بينما انشغل الشعب البابا أوبحي، بمشاهدة
مباريات "كأس الإمعية للدول السلبية" " ... وقتل ذوي الدين الآخر
لأنهم "مش زيهم"، بينما يسب هو الدين ليل نهار حتى خرج منه من زمان وهوه
مش دريان، ومدافعا عن بناء سور الجنينة الذي تقيمه حكومته بدعوى حماية جزرها ،رغم
أن الأرانب على الجانب الآخر ماتت من الحصار اللي فات ... تاركا كل تلك القضايا
تحت بند "وأنا مال أهلي"

لتستمر الحياة ..



--------------------

في عزبة كبير القديسين، حيث يجلس فضيلته متابعا الأخبار، وبجانبه مساعده
إبليس ... ردد :

- كويس .. كويس ... الدنيا بقت تمام وكله نسي وعاش حياته ... عالم ملهاش في
حاجة أصلا

- طبعا يا مولانا ... احنا بقى نستريح ونبدأ نخطط لحاجة بعيدة و ...

- بعيدة إيه يا بتاع إنت ... احنا لازم نعملنا مصيبة تانية في السخونية دي
عشان يقولوا عليا فلتة زماني

تسرب القلق إلى قلب إبليس مرددا :

- انت فعلا "فتلة" زمانك

- المهم ... أنا عندي فكرة فحيتة

رد في حذر :

- إيه يا مولانا

- إيه رأيك ؟؟ ... نطلع فتوى إنه يجوز لحكومتنا بناء سور الجنينة، وإن اللي
يعارضه مخالف لتعاليم القداسة

هنا صرخ إبليس في صدمة :

- حرام عليك يا جدع انت .... اتقي الله !!!





-------------------------------------------------------------------------------

جميع احداث هذه القصة هي من خيال كاتبها المريض بالهبوط الزعبوطي، وأي
تشابه بينها وبين الواقع هو مجرد مصادفة وحشة ... أصل الحاجات دي بتحصل في "الإيماجينيشن" بس



1 comment:

  1. والله انت زي العسل ودمك خفيف
    الى الامام
    وربنا معاك

    ReplyDelete

كومنت ع التهييسة