Wednesday, January 20, 2016

فقه الأجرة

يتحرك الجميع مخرجين من جيوبهم وحقائبهم ما لذ وطاب من أوراق البنكنوت
بينما أوقعك حظك العاثر على الكرسي "القلاب" الأمامي، حيث تتحرك الأجرة بشكل تلقائي من جنوب الميكروباص إلى المقعد الفردي الذي تحتله
هنا تكمن المشكلة، فلن ينفعك التظاهر بالنعاس أو الانشغال بشاشة هاتفك المضيئة التي ستضع وجهك في هالة ضوء مسرحية تزيد من فرص تحديدك هدفاً للتجمع

الخدعة هنا .. هي أن تترك طعمك يجتذب الآخرين
أن تخرج عملاتك المعدنية أسرع من تدفق تيار النقود
وتشخللها في صوت يغري القابع إلى جوارك - ذا الورقة فئة العشرة جنيهات - بأن يأخذ أجرتك ليحصل على جزء من باقي نقوده قبل أن تتخبط في أيادي الراكبين وتلقيه في مسائلات السائق عنها كل خمس دقائق
ناوله نقودك كأنك تمنحه بركات مولانا المبجل، كمن يضع نفحاته في أيادي الحاضرين لجلسات العارف بالله
ثم تظاهر بالعودة متطلعا من شباك العربة إلى نقطة التلاشي العدمية

إذا مد أحدهم يده بأجرته، أشر إلى محصل الأجرة إلى جوارك، لقد استحق هذا المنصب عن طيب خاطر لقاء عملاتك النفيسة
ولو أصر البعض على إزعاجك عمدا ناقرين على كتفك في سماجة واضحة، تناول النقود وألقها لنفس المحصل مشيحا بوجهك ، مقرا أنك لا تعرف شيئا عنها، واترك صاحب الأجرة يتحدث عن أجرته بصوت يصل إلى الجميع

لا تشغل بالك في التفاصيل
دعهم يتعاركون على بواقي العملات المعدنية
دعهم يتشاجرون مع السائق الذي لا يرغب في السؤال عن "فكة" في البنزينة لأنه يستكبر السؤال

فليسبوا بعضهم
أو ليتقاتلوا
ولو سالت دمائهم على الكراسي الجلدية
لا تهتم
المهم أن تنعم ببضع لحظات راحة من هذا اليوم المزعج
بلا سؤال
ولا مسئولية
ولا وجع دماغ
.

(تعبير "فقه الأجرة" محفوظ لـ "محمد إسماعيل")

No comments:

Post a Comment

كومنت ع التهييسة