Tuesday, September 30, 2008

نشوة .... دموية

بدأتها ... كوميدية ... لكن لا أعلم ما هذا الذي انتهت إليه ؟؟ .... ما أعرفه أنها تعبر عن العديد من المشاعر الداخلية الآن

سامحوني إن لم تأتي بمعنى مفهوم


---------------------------------------------------------

"وي آر جوينج تو داي"
نطق الرجل الانجليزي بالعبارة وهو يرتجف في خوف دفعه لأن يلتصق بجسدي باحثا عن دفء أمانٍ زائف, بينما رائحة فمه الغارقة في البيرة تصل إلى أنفي المجبر على التنفس فتحيل حياتي جحيما ... نظرت إليه بتقزز بالغ وتسائلت في سري : طب عاملين فيها رجالة ليه من الأول ؟؟؟

تطلعت إليه ثانية ... كم هو مثير للشفقة ... لكنه بالفعل, إنجليزي ... حتى جلسته الخائفة لا زال فيها طابع الارستقراطية المعروف , بسيجارته التي لا تزال مشتعلة بين أصابع يده المرتجفة ... نظراته الحائرة ... تحس فيها بــ "عز ابن الناس " المتربيين على الغالي ... ارتجافته ... تجاهد في كبر واضح حتى لا تنتقل إلى عظامه ... لكن الأمر تجاوز كل جدران شجاعته

قطع حبال وأسلاك أفكاري صوت الرصاص المتطاير في كل مكان ... والذي أستطيع أن أجزم أنه قد صنع ثقبا في كل 3 مليمترات في تلك الصخرة التي نقبع خلفها ... حتى لقد أضحى يشبه غربال ستي الله يرحمها ...

لحظات الجمود .... حينما يعدو كل شئ من حولك وتقف أنت مجمدا في زمانك ... لحظات التوتر ... تستطيع معها عد أنفاسك المتسارعة ودقات قلبك الثائرة ... لحظات التأمل ... يقترب الخطر لدرجة لا تحس معها بأي خطر ... غير احتمال لوجود صدمة من فاتورة الكهرباء القادمة لأن المدام أصرت على موضوع التكييف ... وعندما حاولتَ الاعتراض كانت سكينة بعمق 20 سم مغروسة في ذراعك ... هذا بالطبع لأن قصرها –المدام لا السكين- منعها من الوصول لرقبتك ...

صاروخ سكود آخر يقطع افكارك المسترسلة التي لن ينفع فيها أي خياطة ولو أتيت بعم حسن الرفا ذاته ... ولا يزال ذاك الوغد الانجليزي يزيد من تشبثه بذراعي مع كل صوت ناموسة تعبر من جواره ...

أزحته برقة مصطنعة, لكنها أبت إلا أن تطرحه خمسة امتار بعيدا عني حتى أوشك على الخروج من خلف تلك الصخرة ... فتحت جانب سترتي لأخرج "حسونة" الصغير ... تأملته ولمعان النيران ينعكس على اسطوانته الفضية ... وفوهته تكاد تزأر مطالبة بالمزيد من الفرائس .. كم أحب هذا المسدس ذي الألف طلقة ... يسمح لي ببعض المتعة في هذه الأجواء المملة ...

ربتُّ عليه بحنية ... وتأكدت أن عدد طلقاته كامل ... ألف طلقة ستسمح لك بالاستمرار في الضغط على الزناد دون مبرر ...

ابتسامة شيطان أحدب أفرج عنه للتو بعد رمضان ... شعور داخلي أسود باللذة ... وحش ثائر يود الخروج ليلتهم حلة محشي كاملة دون تكريعة واحدة ... قمت من مكاني ... التفت إلى الصخرة ... رفعت فوهة مسدسي ... ذاك الفافي الانجليزي يمسك بقدمي ... يكاد يقبل حذائي :
دونت دو إيت ... بليييز .... بليييييييييييييييييييز ؟؟؟

إزعاجه يمنعني من التركيز ... تذكرت مقولة عم عبده البواب في سهرات الصيف الحارة .. تخلص دائما من الذبابة المزعجة, لتكمل نومك ... أنزلت مسدسي إلى جبهته ... وتركت مكانا لعين ثالثة ... تبا ... أصر ذلك الوغد أن تجد دمائه طريقها إلى بنطالي ... أم العيال لن تسمح لي بدخول المنزل الليلة ... هذا إن عدت بنصفي الأسفل أساساً ...

حسنا ... عاد الهدو النسبي ... ما زال هناك بعض الضوضاء المنبعثة من الخلف ... أخذت نفسا عميقاً, أغلقت عيني في استرخاء, مارست تمرينة يوجا على السريع لعمل الرفريش اللازم ... ثم ... رفعت مسدسي ... وضغطت بقوة على الزناد ... لتنطلق رصاصاتي في كرم شديد ...أحال تلك الصخرة الآن إلى مجرد رماد ... وانقشع ضبابها موضحاً الرؤية المبدئية لخبير مثلي ...

مائتي جندي مقاتل ... أربعون مركبة ذات مدافع طويلة المدى ... مروحيتان ... وأخيرا ذاك الروبوت ...

ما إن رأوني حتى توجهت الأسلحة جميعها نحوي ... إنني الهدف, إنني الغاية, إنني المنشود ... بإمكانهم أن يعيشوا ... أن يغرقوا في ثرواتهم حتى النخاع ... أن يعودوا لزوجاتهم وأبنائهم ... أن يتنفسوا من جديد ... فقط إذا تخلصوا مني .... فقط .... إذا استطاعوا

لم يضيعوا وقتا ... الجبناء ... الجميع يريد استغلال الوقت ... تماما كما فعل ذلك الجرذ الارستقراطي منذ قليل .... حين اعتقد أنه يستطيع أن يعقد صفقة معي ... لعلها كانت أسهل مع شيطان من بعد كوني آخر .... لكن ليس معي ...

الحماس يشتعل في أعينهم المتوترة , أصابعهم متحفزة على الزناد وكأنه مفتاح بوابة الخلود , أصواتهم تعلو في وحشية آملين في بث بعض الرعب ... ثم ...أطلقوا رصاصاتهم, صواريخهم, قنابلهم, جميع ألعابهم .... إنه يوم المرح بالتأكيد ..

تأملتها ... تأملت الرصاصات ... تأملت الموت ... تأملت ذاك الجحيم الذي يهب كالعاصفة ... كلها تتمنى ضربي, سحقي, فنائي ... فتحت صدري, كأسد يتلقى آخر الرماح في حلبة مصارعة رومانية ...

رفعت ذراعي .... أحتمي ... وأنا أعلم أن أنيابهم ستطولوني .... اخترقت الرصاصات ساقي اليمنى من الفخذ لتتفجر منه الدماء ... وانهال مجموعة أخرى على ذراعي وجزء من صدري بحثا عن مكان يستقر فيه ... بينما اندفع صاروخ ناحية معدتي وآخر في وجهي ... ثم ... ألم ... نعم ... ألم لذيذ ... ولكنه مؤقت ... تحاملت ... كم أحب هذا الشعور ... أن تغلب ألمك ... أن تصرعه ... دعه أولاً يسري في جسدك ... دعه يأكل من لحمك .. دعه يعش نصره ... ثم اقضي عليه ..و... قف على قدميك من جديد ...

بدأت الاستعداد للوقوف, ولكن ... لا مفر ... الإصابة شديدة ... ماذا حل بك؟ لا تخدع نفسك ... من ذا الذي يخوض ثلاثة أيام من المعارك المتتالية بلا راحة, ثم يطمع أن يكون في صحة رامبو ووسامة كروز وابتسامة أوباما ...

مع ذلك, نهضت بتحامل ... الدماء تسيل بشراهة كما لو أن نهرا وجد طريقه بين بعض الصخور المتهالكة ... لا زلت أحس بلهيب تلك الطلقات ... أشعر بها تصهر لحمي لتندمج معه في ألفة كمن اعتاد أكل الفسيخ في العيد ... صداع بسيط في رأسي سببه ذاك الصاروخ اللعين ... سأضطر لتناول حبتي أسبرين هذه المرة بدلاً من واحدة ....

اعتدلت ... وقفت أنظر للسماء ... ألمح تلك السحب الجميلة .... خسارة أنها ستظلل أرضا ترويها الدماء بعد قليل ... نظرت في وجوه كل هؤلاء ... هم في حيرة, يتراجعون, خائفون ... ينظرون إلى وجهي الذي دمره الصاروخ بتقزز وذهول .. يرددون ... إنه ليس بشريا ... ليس عاديا ... إنه ... وحش ... يالهم من حمقى ... كل ما في الأمر أني عربي ... نفسٌ عميق ... ثم رفعت "حسونة" , وضغطت الزناد ... لقد ضغطت , وضغطت, وضغطت ... لقد أطلقت الكثير ... لقد دمرت أكثر ... لم أتوقف ... حتى سمعت التكة ... معلنة انتهاء الألف رصاصة ... وانتهاء معركة غير متكافئة ... مائتي جندي فقط ؟؟؟ يا لها من مهزلة ... إنهم يستقلون من قدري ...

لا يهم كل ذلك ... أزلت في لا مبالاة ذلك الجزء الميت من لحمي والذي دمرته الرصاصات ... عكفت على إخراج بعض الطلقات القريبة بينما تركت ما غاص منها في جسدي ... بدأت في إعادة بعض من عظام جمجمتي ... لكنها تدمرت تماما ... التقطت بقاياها, وطوحتها بعيدا في لا مبالاة واضحة اعتدتها في مثل هذه المواقف ...ثم توجهت إلى حطام ذاك الروبوت ...

اقتربت منه ... إنه يتحرك في تشنج ... يبدو كما لو كان يجاهد للبقاء حيا ... حيا؟؟ يالها من كلمة تطلقها على ذلك الشئ ذي القلب المعدني ... رأيته ... نعم ... إنه يحاول الوصول إلى شريحة التيتانيوم خاصته ليتخلص منها بسرعة ... تمتد يده الالكترونية المشوهة ... ترتجف بشدة ... أمن الخوف أم الدمار؟ ... لكن هيهات ... أخرجت مسدسي الصغير ... لا أستخدمه كثيرا ... فلا يحوي إلا 100 طلقة ...أطلقتها ... أفرغتها في تلك الصفيحة المعدنية ... في ذراعيه ... في جسده ... في ساقيه ...

الوغد يتحرك تحت وطأ رصاصاتي وكأنه يتألم ... يتشنج كأنه يحس ... لولا أني أعرف أنه آلة لأقسمت أنه يتعذب ... بل إنه فعلا يئن ... فعلا يتذلل ... لكني لا أسمح له بالنطق ... حتى لو نطق بعربية فصحى ... صوت رصاصاتي يصم آذان شعوب الواء واء في جبال الهيمالايا ... تكة أخرى ... ومئة رصاصة أخرى ... وجثة معدنية أخرى ...

مددت يدي إلى شريحة التيتانيوم ... آخر ما تبقى منه ... ووضعتها في جيب سترتي حيث أجمعهم ...

طالعت المنظر ... ذاك المنظر المبهج ... دماء وجثث ... بقايا آلات ... حطام مركبات ... إنها الحرب كما تحبها يا صديقي ... أن تقف أمام جيش جرار وقوة لا تقهر ... وتخرج من بينهم وقد أصبحوا رمادا يتذاكره الماضي ... وبقايا من يوم يكتبه لك التاريخ في كتابك الدموي ... إنها لحظات النشوة بالنصر ...

طالعت الأفق ... لألمح عشرين مروحية حربية من طراز "نيون" متجهة نحوي ... كسرب نمل يجتمع على قطعة حلوى بللها طفل رضيع بريالة محترمة ...

ابتسامتي التي لا تفارقني ... سترتي التي أتدثر بها ... "حسونة" حبيب قلبي ... استيقظوا ... فلدينا صحبة كتب لهم ألا يروا ضوء النهار بعد ذلك ...




No comments:

Post a Comment

كومنت ع التهييسة