Friday, October 10, 2008

سيبر حارتنا


نسيم الليل الآسر , بهذه النجوم "الملطوعة" في السماء والتي تشعرك أن عيون الكون كلها ترقب خطواتك .... هذا لأني أعرف بالفعل أن نصفها على الأقل أقمار تجسس صناعية ... قدماي الحافيتان في الشبشب تذوبان مع نسيم الليل إياه مذكرة إياي بقشف الشتاء المؤذي والذي سيكون أنيسي في ليالي الشتاء الباردة وأنا أقضيها كلها محاولا إزالة كتل الجلد الميت من جلدي المقشف ...


برك المجاري الطافحة في حارتنا تذكرك بترعة الناموسية التي لا أجد لها براً ... سيارة شاب مسرعة تكاد تغرقني بهذا الطفح الآدمي , لولا قفزتي لمترين كاملين مبتعدا عن مسار الطرطشة هابطاً على قدمي كأجدعها رقاصة بالية فيكي يا روسيا ...


أسرع بخطواتي المسرعة وحدها أساسا متوجها إلى نهاية الشارع, حيث تجد بقالة عم ماجد في وشك بوجهه الطيب وابتسامته الملائكية والذي يدفعك دفعا لشراء علبة زبادي وعيش توست دايت وتدفع فيهما العشرة جنيهات راضيا لتتساءل بعدها ... مين اللي نصب على التاني ...


قاومت تلك السحبة السحرية في سحنته البهية وأكملت طريقي إلى هدفي ... ذاك المبنى المشهور في حارتنا ... والذي عرفه الكبار دوما بحادثة قتل عم عليوة لمراته .... ليفاجأ بأنها لا تحتاج رأسها لتجري وراه بالشبشب ... عشنا فيه طفولتنا نلعب الاستغماية التي أسفرت عن اختفاء خمسة اطفال ودادة راحت تدور عليهم والأسطى حسنين الذي كانت تدين له بجنيهين باقي تصليح الثلاجة ... استمر سحره لنا في شبابنا حيث لفات البانجو وعبق الحشيش قبل أن نكتشف بعدها بفترة أن قسم الشرطة هو المبنى المجاور لنا !!! ... طبعا فوقنا بأيادٍ حنينة من أكبرها كف معاون في وسط البلد ...


واليوم .... وبعد كل هذا ... طقت في دماغ مجدي ديفورميشن صديق طفولتنا العزيز ... ليحول هذا المكان إلى "سيبر حارتنا" ... وليعرض خدمات التايبينج والبرينتينج والجيمز والنت ... وشوية برامج وأفلام مضروبة من تحت الترابيزة ... إلى أهالي حارتنا الغراء


وصلت في هذه اللحظة إلى الباب, دفعته بقوة مصدرا صوتاً قادرا على إيقاظ الأخ توت عنخ من تابوته الذهبي وهو بيتنطر ... ما إن دخلت بطاقيتي النايك ونظارتي الشمس في عز الليل والبالطو الأسود الذي يصل إلى ركبتي مرتديا تحته بنطلون بيجامتي العزيزة ومن تحته بالطبع الشبشب المهوي , حتى هب الواد ديفورميشن بسرعة من مكانه , ومط رقبته صائحا بصوت عالٍ:

ياد يا فروسيا ... جهاز المعلم باد سيكتور يلاااااااا ...


كم أحب الأسماء الكودية ... أسرع من نهاية الصالة الواد فروسيا مهرولا ... ثم حمل عني اللاب توب الذي أرهقني حمله, لكني اختطفته منه في سرعة , وسألت ديفورميشن :

الواد ده عملتله سكان يا ديف

أيوه يابني ... ومفيش فيروسات ولا أجهزة تصنت ... شغل على ميه بيضا

نظرات الرجاء في عيني فروسيا راجيا أن أعطيه شرف حمل عدتي ... لكن شكي هو الذي يحميني ... هو الذي صنعني ... هو الذي جعلني باد .. باد سيكتور ..... نظرت إليه في شك أكبر, ثم أعدت اللابتوب تحت باطي الذي يشبه رائحة كلب ميت وجد في ماسورة صرف صحي ... دفعت فروسيا أمامي هاتفا :

بينا على الكونترول روم ... أنا مطمنلكش حتى لو عمو مكافي بنفسه قال إنك "ترست بروجرام"

أحنى الفتى عينيه في الأرض ... وسار أمامي ليقودني إلى الحجرة ... أسير في ثقة يحسدني عليها بونابرت نفسه ... الكل في المقهى متوتر ... يترك جهازه مختلساٍ النظرات إلى ... يتهامس مع جاره في المكنة التي إلى جواره ... لكن أحدهم لا يجرؤ أن ينظر ... أن يقف في طريقي ... فـ "باد سيكتور" مبيرحمش اللي جابوه ... ياله من إحساس غبي بالسيطرة ... غبي موووووز ... لكنه لذيذ ...

وصلت إلى الغرفة .... أخرجت الواد فروسيا بشلوت محترم , وواربت الباب وأنظار الجميع تترقبني من تحت لتحت ... الآن أنا في الظلام وحدي ... مددت يدي لأضئ زرار الباور الذي حفظت مكانه من كثرة جلوسي هنا ... خلعت النظارة الشمس لتظهر عيناي اللتان تشبهان عيني البومة ... جلست على الكرسي الذي طورت فيه مؤخرا ليجعل حاجتي إلى تضييع وقتي في التواليت قليلة, بالأصح منعدمة, لأن كل شئ سيتم في مكانه ... فتحت اللابتوب ووضعته على الترابيزة ... ثم فتحت جيب البالطو الداخلي لأخرج عدة الشغل, وأرصصها في تلذذ, بعدها جلست أطالعها بشهوة شيطانية ... قهوة مركزة واحد لتر صافي, كيس دوريتوز أصفر عائلي(ما لقيتش الأزرق منذ أزمة انقطاع النت), قالب حلاوة طحينية الرشيدي, بقدونس ناشف, لمونتين, علبة شعرية أندومي سريعة التحضير, علبة سجاير ملفوف فيها ... احم ... جوانات تركيز ... هكذا تكون الدماغ المتكلفة ... ابتسامتي تتسع أكثر لتظهر صفوف أسناني التي تنافس في صفارها حجارة الأهرامات التاريخية من كتر ... احم ... جوانات التركيز إياها ...

فتحت الـ notes المتروكة على الديسكتوب لأعرف مهمات الليلة ...

المهمة الأولى : إيميل البت سوسن للواد فحتة

المعطيات : منتدى البت دي بتشارك فيه اسمه

www.naffad.com

ضحكة ساخرة صدرت في أعماقي ... لسه بتنفضوا ... ده أنا هنفضكوا ...

النتيجة : اختراق الداتا بيس ... طرد الأدمن ... عمل منتدى باسم باد سيكتور ... و .... آه .. كنت هنسي ... إيميل البت سوسن

شغلانة هبلة وفيها شوية تسلية ... مش مشكلة ... نكرمه في التمن ... 100 جنيه بس يا عم الامور

رميت شوية بقدونس ناشف وجرعت نصف اللتر من القهوة لأتابع في شغف ...

المهمة التانية : عنوان واحد اسمه جعرودي ... مطلوب للتار

المعطيات : الأكونت بتاعه على الفيس بوك ...

الفيس بوك؟ ... يا سلام ... البتاع ده لعبتي ... بس معصلج شوية ... طيب أخش وأشوف و ..... إيه ده ؟؟؟ .... الراجل كاتب عنوانه في البروفايل أساسا

مصمصت شفايفي غيظاً على تضييع الوقت ... واتحرق دمي لأني معملتش أي قلقان ... لذا قررت حرقهم في السعر ... 500 جنيه يا عالم يا عُمي ...

قالب الحلاوة مع جوانات التركــ .... البانجو يعني من الآخر ... بيعلوا الطاسة ... ويسمحوا بتركيز أكبر لما هو قادم

المهمة التالتة : رقم تليفون رشا اللي في العمارة اللي جنبنا

المعطيات : فاتورة شراء من على الأمازون

لما نشوف إيه الـــ ..... إيه ده .؟؟؟ ... رشا ... البت اللي كانت مدوخاني دي ... يا بنت الإيه ... يعني لما اتقدمت لاهلك رفضتي ... لأ وإيه ... بتشتري من أمازون ... ومين اللي بيسأل على النمرة ... يا سلااااااام !!!! ... الواد حمادة اللي في ثانوية عامية ... طيب يا غجر ... جبتله نمرة تليفون أبوها ... وزودت في الفاتورة الجاية بتاعتها كام صفر محترم يكفوها تقضي بقية حياتها في سجن أبو زعبل تودي أوردرات للمساجين ...

التمن ... دول حبايبنا ... أكيد لا زم نكرمهم ... 1243 جنيه ... والفكة رخامة بقى ...

رجعت إلى "النوت" تاني لأكمل القراءة و .... صوت أزيز .... لم أهتم ... شوية دوشة بره ... مش مهم .... الصوت بيعلى وناس عمالة تخبط على الباب ... قمت في ثورة مارد خرج من قمقمه الالكتروني للتو ... وفتحت الباب بغضب شديد وانا أصيح :

إيه يا غوش يا عالم يا

environment .

.. الواحد مش عارف يشـــ ...

فوجئت بعدد من البني آدمين يعبر الباب بسرعة 50 رجل /ث وينقضون علي جميعا بينما شاراتهم الإف بي آي والسي آي إيه وأمن الدولة وحرس الحدود وشرطة المسطحات المائية وأمن الاستاد تتطاير من حولي .... لأجد أني قد وقعت في قبضتهم ... باد سيكتور حصله

system down

يا رجالة ...

طالعت الصحف في زنزانتي في سلبية ولا مبالاة كفيرس حقير تم عمل

quarantine

له دون وجه حق ... لفت نظري الاخبار التيي تتحدث عني :

" القبض على سامي حنكش المعروف بباد سيكتور لمحاكمته على جرائمه الالكترونية"

"الأمم المتحدة تؤكد: على مصر تسليم باد سيكتور لنا لإثبات حسن النية"

"الولايات المتحدة: الإرهابي باد سيكتور هو المسئول عن زعزعة الأمن في الشرق الأوسط"

"باد سيكتور ... والجريمة الالكترونية المنظمة .. إلى أين ؟؟"




يا ولاد الجنية ... محدش جاب سيرة جوانات البانجو يعني ؟؟؟




1 comment:

كومنت ع التهييسة